إعلان

ولد لكويري معلقا على ديوان "قلت" : ولد أمون شاعر يعيش هموم أمته

أربعاء, 01/16/2019 - 18:51

محمد الأمين ولد لكويري

 

كثيرا ما يبعث إلي بعض شعراء الحسانية الشباب ـ ممن يحسبون الورم شحما ـ بمنتوجهم من "لغن" وغالبا أكتفي للحكم على المنتوج بالنص الأول، أو بـ "تيفلواتن" منه، مع أن أغلب ما يصلني من عندهم مستوفيا للشرائط من حيث الوزن ونظام التقفية، لكن الذي ينقصه غالبا هو مدى الإبداع فيه؛ كالإتيان بجديد مثلا، وإصابة المعنى الذي يرمي إليه الشاعر، وتناغم الكلمات وانسيابيتها، وغير ذلك مما يجعل النص يلفت الانتباه ويجبر الشخص على الاستماع أو القراءة وأن يتدبر النص تدبرا.
    ولكن عندما اتصل بي الأديب الشريف عبد الله ولد امون، وأخبرني أنه سيبعث إلي بنصوص من إنتاجه الحساني الذي جمعه كديوان عنونه بـ "قلت" قلت في نفسي إن نصوصه ستختلف كثيرا عن أغلب من ألفت، نظرا للبيئة العلمية والأدبية التي تربى فيها هذا الشاب، وكان الأمر كما تصورت.
   ولم يخب ظني فيه، فما إن قرأت التيفلواتن الأولى من أول نص حتى علمت أني أمام شاعر حساني مفلق، فقد جمع بين جزالة الألفاظ ودقة العبارات، والتوفيق في اختيار المضامين... إلى غير ذلك مما لا يستغني عنه من يمكن أن يطلق عليه لقب "امْغَنِّ".
   أجل، إنني أمام "امغنِّ" غزير المادة، أودع شعره تجاربه في الحياة، فجاءت تجارب هذا الشاب، وكأنها من شيخ كّبار، حلب الدهر أشطره:
لصْحاب الِّ منهمْ معلومْ   امعاك افْلُمور إعاسرْ
يغير الْمنهمْ بعد اليومْ   معلوم الَّ ماهُ ياسرْ  
ووفي هذا النص تتجلى مظاهر سعة خيال الشاعر واقتداره وغزارة مادته؛ حيث تمكن كما فعل في نصوص أخرى، من الإتيان بقافية ذات روي نزر لا يحسن الكثيرون النسج عليه.
إنه "امغنِّ" يحمل هم أمته في مرونة قل لها نظير، فلا هو يتصلب لفكرة أو طرف دون آخر، ولا هو يتغاضى عن أمور الأمة وما يجري في وطنه، فانظر إلى واقعيته، وكيف قدَّم رأيه في بعض المسائل المثارة، في أسلوب عذب ومرونة فائقة:
تعْديل الدستور إلى عادْ " ال مسل فيه مفاد
حد ابادرْ بيه السداد " ماه محتاج المشور
كيف إلى عاد اعل لعباد " يرخ لحْوال المشمورَ
وڸَّ لاه إرد  الْ لفْرادْ " شمْن الحقوق المهدوره
وڸَّ لاه إﯕَدَّمْ لبْلادْ " الِّ للُّورَ مَنْتورَ
بحْبال الفساد الِّ سادْ "  واشْكالُ ماهِ محْصورَ
إلى يقول:
غير إلى عاد الّا ش بيهْ " رموز الدوْلَ مدْفورَ
وتظهر مرونة الرجل واهتمامه بالشأن العام أكثر، في المقطع الذي يستهل بقوله:
نخْتير انْـﯕول ابْصراحَ " رأيِ في الشأن اليوم العامْ
ما عدْت افصفّ اللّحلاح " ؤلا عدت امْعادِ للنظامْ
وإذا انتقد هذا الشاعر الوضع قدم تبريرا وافيا شافيا، برهن من خلاله على أحقيته في موقفه من الوضع:
 خرَّصْ ذ الخلْق امْن ابِّكاتْ " وانْتَ مسْتـﯕْبلْ لين اوْهامْ
جامه تحت اسْلوك الداياتْ " والمَ تحت ـ إهَدَّرْ ـ لَـﯕْدامْ
وامْعَ ذَ يظْوِ بالڸَّمْباتْ " وإحانِ بشْرابُ لغمامْ

ولا يقتصر اهتمام الشاعر عبد الله على الوطن فحسب، بل تطفو فوق شعره مواقفه الإنسانية...
ذَا لِّ يُعدَّلْ كلّ انْهارْ " للمسلمين افْمينمارْ
ماهُ منْ ش ﯕَطُّ لبْصارْ " شكْلُ شافوه امْن اتْمرْميدْ

الشيئ الوحيد الذي يعترف الفتى عبد الله ولد امون بأنه لم يأت فيه بجديد هو مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، الذي سار فيه على نهج كبار الشعراء الذين اعترفوا جميعهم بالعجز عن الإتيان بعبارات يمكن أن تفي بالمطلوب في هذا الغرض، فمن شعره فيه:
نختير انْـﯕْول افْمدْح ارصولْ " شِ كيف الوزّان وانَ
مانِ عارفْ ش انْـﯕدّ انْـﯕْولْ " بيه الِّ مدْحُ مولانَ
وكيف تفي العبارات بمديح رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.