إعلان

رائعة عبد الرزاق عبد الواحد في موريتانيا

أحد, 05/21/2017 - 07:36

(إرشيف)

 

ألقي الشاعر العراقي الراحل عبد الرزاق عبد الواحد رائعة من عيون الشعر العربي كتبها خلال زيارته الأخيرة لموريتانيا، عكست احساس الرجل بقيمة التقارب بين الشعبين العراقي والموريتاني، ونعمة الأخوة التي جسدتها مواقف تاريخية لكلا البلدين، وأبدع خلالها في وصف الإحتضان الذي قوبل به، والإحساس الذي أحسه وهو ينتقل من بغداد المدمرة علي أيدي الغزاة، إلي العاصمة نواكشوط الباكية من فرط الألم وقوة المصاب.

 

وهذه هي القصيدة التي خلد بها زيارته الأخيرة لموريتانيا، وأمتع بها جمهور الشعر.

 

سألتُ الله شمسُك لا تغيــــبُ ** وليلُك فجرُه أبدا قريـــــــب
وأجراس القصائد فيك نشوى ** لها وقع بسْمعنا عَجيـــــــب
ونوقك لا يشيخ لها حنيــــن ** ولا يجفو بأضرعها الحليب
وتبقى كبرياؤك لا تـــدانى* * ولا يدنو لها كــــدر مريب
ومثل نقاء هذا الرمل تبقى ** نفوس بنيك من ألق تطيب

 

سألت الله أن يبقيك بيــــتي ** وأعلم أن ربَّك يستجيــــب
لأنك أنت يا شنقــــيـــط أم ** تشيب الأمهات ولا تشيــب
وأنك فرط عفْو ٍ، فرط صفو ** وفرطُ هوى برودته لهيب
فأرضك أرض شعر لا يضاهى ** وحب لا يخون به حبيـــب
فكل صَبيَّة أنثى حـــــمام ** وكل فتى بأيكك عندليـــب

فإن بلغا فطامهما فــقيس ** وليلى.. لا سعى بهما مريب
ولي في حُرِّ أرضك ذكريات ** لها في خافقي أبدا وجيــب
وما من كريم نداك أنسى ** وهذي وقفتي شرف مَهيب

 

سلاما أيها الوطن الحبيـــــب ** وبعض الشكر موقفه عصيب
لأنك لست تنتظرين شكرا ** وليس كمن يُثاب ومن يثيب
تجيئين المكارم عن حياء ** مخافة أن يكون لها رقيب
تحسَّبُ أن يقول الناس أعطت ** وهل في ذكر فضلك ما يريب

 

يذوب القلب يا شنقيط وجدا ** عليك لأن عندك ما يذيب
علا، وكرامة، وسخاء نفس ** وأعظمهن رفضك ما يعيب
وأنك بين أوطاني جميعا ** ملاذ تلتقي فيه القلـــــــوب
على حب وليس سواه يبغي ** ويكرم نفسه فيك الأديب!

 

سلاما أيَّها الوطن الحبيب ** سلام ابنٍ تقاذفه الدروب
على كِبَر أصابته الليالي ** وهدت ركنَ هدأته الخطوب
وأحدث فيه صرف الدهر صدعا ** عميقا لا يعالجه طبــــــيب

تهاوى بيتُه العالي وأخنى ** على شرفاته موت لهيب
وبُعثر أهله في كلِّ فج ** فكل ابنٍ له وطنٌ غريب
فراح يطوف من أرض لأرض ** خطاه على ثمانينٍ تلوب
يفتش عنهمُو بين المنافي ** ويوما ما يَروح ولا يؤوب!

 

هي الدنيا تحملنا أساهـــــــا ** وأدهى الحمل ما تضع الحروب
وأفظع ما تخلفه المنايا ** وأبشع ما يلاذ به الهروب!
لذا ظل العراقيون فيــها ** نخيلا لا يميل به هبوب
وها بغداد تشتعل اشتعالا ** وها دم أهلكُمْ فيها سكوب
تعاهدنا نموت بها جميعا ** ولا يتكرَّر الوطن السليب!

فمرحى للنشامى في عراقي ** نَجيب يقتفي دمه نَجيب
ولا والله نسبح في دمانا ** ولا يعوي على بغداد ذيب