إعلان

وفاة الفنان السوري الكبير صباح فخري

ثلاثاء, 11/02/2021 - 14:19

 

المصدر: الميادين نت

 

 

  •  
  •  

نعتْ وزارة الثقافة ونقابة الفنانين في سوريا المطرب الكبير صباح فخري، الذي توفي اليوم الثلاثاء عن عمر ناهز 88 عاماً.

ولد فخري عام 1933، في مدينة حلب السورية، أحد أهم مراكز الموسيقى الشرقية العربية. وظهرت موهبته الغنائية في العقد الأول من عمره.

درس الغناء والموسيقى مع دراسته العامة في سنّه المبكرة في معهد حلب للموسيقى، وبعد ذلك في معهد دمشق. وتخرج من المعهد الموسيقي الشرقي عام 1948.

درس الموشحات والإيقاعات ورقص السماح والقصائد والأدوار والصولفيج والعزف على العود، ومن أساتذته أعلام الموسيقى العربية من الموسيقيين السوريين كالشيخ علي درويش والشيخ عمر البطش ومجدي العقيلي ونديم إبراهيم الدرويش ومحمد رجب وعزيز غنام.

غنّى العديد من الأغاني التقليدية في حلب، والمأخوذة كلماتها من قصائد أبو فراس الحمداني والمتنبي وشعراء آخرين. كما تعامل مع ملحنين معاصرين.

وعائلة فخري ليست نسبته، وإنما مُنحت له من قبل مرشده، الزعيم السوري القومي فخري البارودي، والذي شجعه وهو شابٌ صغير على البقاء في سوريا وعدم مغادرتها نحو إيطاليا.

يوصف فخري بأنه "قلعة حلب الثانية".

قبل وفاته، كان يحذّر من أنّ المنطقة العربية تتعرض لحرب تستهدف الهوية والجذور والانتماء، مؤكداً أنّ للفنانين دور كبير في المحافظة على الهوية والإرث.

 

 

حياة صباح فخري الشخصية

والده مقرئ للقرآن الكريم ومنشدٌ صوفي، ووالدته من أسرةٍ دينيةٍ ذات تقاليد في الإنشاد الديني وحلقات الذكر الصوفي.

التحق بالتعليم في المدرسة القرآنية في حلب حيث تعلم مبادئ العربية وعلوم البيان والتجويد والدين الإسلامي حتى عام 1947.

حفظ القرآن غيباً، إضافةً إلى عددٍ كبيرٍ من دواوين الشعراء العرب، وكان في صغره مؤذناً في جامع الروضة في حلب.

اصطحبه أخوه الأكبر عبد الهادي إلى مجالس الطرب، وهناك تعرف على عازف العود والملحن السوري محمد رجب، فتعلم منه موشح "يا هلال غاب عني واحتجب".

اختار له عازف الكمان الحلبي الشهير الذي صحبه في عروضه في مختلف المدن السورية اسم محمد صباح.

تزوج الفنان فخري مرّتين، الزوجة الأولى أنجبت له ثلاثة أولاد (محمد وعمر وطريف) وتوفيت. أما زوجته الثانية فأنجبت له ابناً واحداً هو المطرب أنس صباح فخري.

 

صباح فخري.. شهرة غنائية عربية وعالمية

يعتبر الراحل من مشاهير الغناء في سوريا والوطن العربي، فنان ومغني من أعلام الموسيقى الشرقية. هو واحدٌ من قلة من فناني البلدان الناطقة بالعربية الذين حصلوا على شعبيةٍ كبيرة وشهرة واسعة بغنائه باللغة العربية، وذلك في العديد من الدول في قارات (أوروبا وآسيا والأمريكيتين وأستراليا). 

يوصف بأنه أيقونة الطرب العربي الأصيل، والحنجرة الفريدة بطاقاتها غير المحدودة، التي توقظ الحواس الخمس لدى المستمع.

أول موّال له كان "غرد يا بلبل وسلّ الناس بتغريدك" عام 1946 وقد علمته إياه إحدى صديقات والدته، وتتالت جلساته مع صديقات والدته وجاراتها وبدأ يتعلم منهن ما كان يُغني في تلك الجلسات.

سمعه الموسيقار محمد عبد الوهاب وقال له: مثلك بلغ القمة، ولا يوجد ما أعطيك إياه. وبقي الاثنان صديقان حتى رحيل عبد الوهاب.

كانت أول عروض فخري الهامة عام 1948 في القصر الرئاسي في دمشق، وذلك أمام الرئيس السوري شكري القوتلي ورئيس الوزراء ذلك الحين جميل مردم بيك. وخلافاً للكثير من الفنانين العرب، لم يدرس أبداً في القاهرة أو يعمل فيها، مُصراً على أن شهرته مرتبطة بالإرث الفني في موطنه سوريا.

وكان فخري واحداً من أعلام الغناء العرب، اشتهر في أنحاء الوطن العربي والعالم وفي السجلات العالمية للمطربين كواحد من أهم مطربي الشرق.

قدّم خلال مسيرته الفنية حفلات غنائية في بلدان عربية وأجنبية كثيرة، وسافر إلى عدة دول في العالم، وشارك في العديد من المهرجانات في الوطن العربي والعالم.

وتربّع على عرش فن الغناء، وتميز خاصة بـ"القدود الحلبية".

عمل فخري على مدى 50 عاماً من الشهرة والشعبية التي نالها كمغنٍ على تعديل ونشر الأشكال التقليدية من الموسيقى العربية الآخذة بالتلاشي، وهي الموشحات والقدود الحلبية. 

صباح فخري أسطورة جذبت الدارسين

استمال فخري أيضاً المُستشرقين والمُستعربين في العالم، الذين انكبّوا على دراسة هذه "الأسطورة" المحسوسة في سبيل التقاط بعض أسرارها وخلفيّاتها وأبعادها الحضارية. فقد طوَّر وجوهرَ صباح فخري صوتَه العظيم في حلب القديمة، حيث برزت مجموعة مؤثّرة من المُنشدين وقارئي القرآن وشيوخ الطرب وبُناة مجد القدود الحلبية.

تقول الكاتبة هالة  نهرا، تحت عنوان "صباح فخري.. سلطان تراث حيّ"، في الحديث عن التُراث الحيّ اليوم، لا بدّ من ذِكر صباح فخري نموذجاً وعلى اعتباره ظاهرةً تاريخية فريدة، إنْ على مستوى "الريبرتوار"  Répertoire الزاخِر كمَّاً ونوعاً، أو على مستوى الصوت في نقاوته ورنينه والقُدرات التعبيرية التي يختزنها في المساحة الصوتية بالتوازي مع الحساسيّة الفنية Sensibilité، ونوعيّته في "الجَرْس" Timbre بمعنى الخامة أو القماشة الصوتية. 

وتضيف، وفيما يتّجه جزءٌ لا يُستهان به من الفنانين العرب إلى التغريب في ظلّ العَوْلَمة وتأثيراتها، لا سيما موسيقياً، نرى صباح فخري مُتجذِّراً على مستوى الهوية الفنّية، من دون أن يكون أسير القديم الغابِر، بل إن العديد من المحطَّات لديه تستبطن بصماتٍ ودمغاتٍ جليّة من الموروث الغنيّ وتحديثاً مُسْتَحْسناً على صعيد النبض في الوقت عينه. 

فخري جسّد على المسرح فرقة موسيقية وقائد أوركسترا، ينسج حالة طربية بينه وبين الجمهور، و يصرّ على التفاعل بينه وبين الناس.

يقول فخري، إنّ "الجمهور يلعب دوراً أساسياً في إخراج القدرة الإبداعية لدى المؤدي. فعلى الجمهور أن يبقى يقظاً تجاه الموسيقا والكلمات، وبالتالي من شأن ذلك ان يجعل الجمهور يقدر الموسيقى التي تُعطى له".

 

أشهر أغنيات صباح فخري وأعماله السينمائية

من أشهر الأغنيات التي اشتهر بها فخري وغناها على المسارح حول العالم: قل للمليحة- قدك المياس- سكابا يا دموع العين-يا مال الشام- يا طيره طيري- خمرة الحب- جاءت معذبتي- صيد العصاري- سيبوني يا ناس- حبيبي على الدنيا- العذوبية- هيمتني- فوق إلنا خل- الحب زمان- ما لك يا حلوة- اللؤلؤ المنضود-يا هويدلك- عالروزانا- عطفاً أيا جيرة الحرم- جاني حبيبي- بيني وبينك- عالصالحية- عالهيلة الهيلة الهيلة- بالذي أسكر- في الروض أنا شفت الجميل- يا ذي القوام السمهري.

من أعماله السينمائية فيلم "الوادي الكبير" مع المطربة وردة الجزائرية. كما شارك في فيلم "الصعاليك" عام 1965 مع عددٍ من الممثلين مثل دريد لحام ومريم فخر الدين.

من برامجه التلفزيونية "أسماء الله الحسنى" مع الفنانين عبد الرحمن آل رشي ومنى واصف وزيناتي قدسية، ومسلسل "نغم الأمس" مع رفيق سبيعي وصباح الجزائري، حيث سجل ووثق ما يقارب 160 لحناً ما بين أغنية وقصيدة ودور وموشح وموال، وقدود، حفاظاً على التراث الموسيقي العربي الذي تنفرد فيه حلب.

فخري وموسوعة غينيس

من العلامات الفارقة في مسيرته الكبيرة أنه ضرب أكبر رقم قياسي ودخل موسوعة "غينيس" من خلال غنائه على المسرح لمدّة تتجاوز 10 ساعات متواصلة، من دون استراحة، في مدينة كاراكاس الفنزولية عام 1968.

ورد ذكر صباح فخري في موسوعة مايكروسوفت" الإنكارتا Encarta "بصفته رمزاً من رموز الغناء العربي الأصيل.

فخري ينال جوائز عالمية

  • شغل صباح فخري مناصب عدة منها نقيب الفنانين السوريين

والراحل فخري حاصل على وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة عام 2007، وذلك تقديراً لإنجازاته الكبيرة والمتميزة في خدمة الفن العربي السوري الأصيل. كما شغل مناصب عدة فانتخب نقيباً للفنانين، ونائباً لرئيس اتحاد الفنانين العرب ومديراً لمهرجان الأغنية السورية.

في عام 1998، أصبح صباح فخري عضواً في مجلس الشعب السوري في تلك الدورة النيابية، كممثلٍ عن الفنانين.

شغل مناصب عدة منها نقيب للفنانين السوريين، ونائب رئيس اتحاد الفنانين العرب وسفير الغناء العربي.

مُنح عدداً كبيراً جداً من الجوائز وشهادات التقدير من جامعات وهيئات أميركية تقديراً لجهوده المبذولة في إحياء التراث العربي الأصيل.

عام 2019 ألّفت الكاتبة السورية شذى نصار كتاباً عن سيرة حياة فخري تحت عنوان "صباح فخري سيرة وتراث".

ومن أبرز الجوائز التي نالها، غناؤه في قاعة نوبل للسلام في السويد، وفي قاعة بيتهوفن في بون، ألمانيا. وغنى في قاعة قصر المؤتمرات في باريس، ونال العديد من الجوائز من أرفع مستوى في عدة دولٍ منها: وسام تونس الثقافي الذي قلّده إياه الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة عام 1975. ووسام التكريم من جلالة السلطان قابوس عام 2000. ونال الميدالية الذهبية في مهرجان الأغنية العربية في دمشق عام 1978، وقلّده الرئيس السوري بشار الأسد وسام الاستحقاق من الدرجة الممتازة في 12 شباط/فبراير عام 2007 في دمشق.