نواكشوط – و م أ + "السدنة:
أشرف الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز صباح اليوم الجمعة (1-12-2017) في مدينة تيشيت التاريخية على إطلاق النسخة السابعة من المهرجان السنوي للمدن الموريتانية القديمة والمنظم هذا العام تحت شعار: "مدننا مصانة من الاندثار"، وذلك وسط حضور ثقافي كبير، وحضور رسمي تقدمه عدد من الوزراء والسلك الدبلوماسي المعتمد لدى موريتانيا وعدد من النواب الموريتانيين والبرلمانيين الفرنسيين.
وبهذه المناسبة أعطى الرئيس ولد عبد العزيز إشارة انطلاقة بث أول قناة ثقافية موريتانية، وتتبع هذه القناة لتلفزيون الرسمي الموريتاني.
كما أعلن الرئيس ولد عبد العزيز مدينة تيشيت العريقة عاصمة للثقافة الوطنية ومصدر إلهام للعبقرية الموريتانية لهذا العام.
واستحدثت موريتانيا مهرجان المدن القديمة سنة 2012 لنفض الغبار عن المخزون الثقافي والتراثي لهذه المدن وتحسين ظروف سكانها.
وتقوم هذه التظاهرة الثقافية السنوية على رؤية إستراتيجية لرئيس الجمهورية تعترف بالترابط بين التراث الثقافي والطبيعي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحرص على حماية وصيانة التراث الثقافي وتثمين مقدراته في التنمية الاقتصادية المحلية، فضلا عن تطوير منتجات السياحة خاصة في هذه المدن وتعزيز الترابط بينها.
وبدأ حفل الافتتاح بتلاوة عطرة من آي الذكر الحكيم، كما استمع رئيس الجمهورية قبل ذلك إلى أداء للنشيد الوطني من حناجر تلامذة مدارس تيشيت متزينين بالعلم الوطني.
وتجول رئيس الجمهورية في جنبات المعارض المنظمة بالمناسبة بعد قطع الشريط الرمزي إيذانا بانطلاق أنشطتها السنوية ضمن هذا المهرجان.
وتضم هذه المعارض أجنحة للكتب والمخطوطات والصناعة التقليدية بمختلف أنواعها ومنتوج التعاونيات الزراعية والواحاتية، فيما قام رئيس الجمهورية بزيارة المعارض الخاصة بكل المدن التاريخية والمعارض والمتاحف الخصوصية.
وزار رئيس الجمهورية المعرض النموذجي المنظم بهذه المناسبة والقرية الثقافية الزاخرة بالمنتوج الثقافي الوطني بمشاركة المدن التاريخية الأربع.
وتفقد رئيس الجمهورية كذلك مستوصف تيشيت من الفئة "ب" في تصنيف وزارة الصحة، وتجول في أقسامه واستمع إلى شروح حول دوره في توفير الخدمات الصحية المناسبة لسكان المدينة.
ويتوفر هذا المستوصف على طاقم طبي يضم طبيبا وممرضين ومولدات، وسيارة إسعاف ومختبر وصيدلية.
وتفقد رئيس الجمهورية تعاونية استغلال السباخ "آمرسال".
وأشرف رئيس الجمهورية في نفس السياق على توزيع الدعم المادي المقدم من طرف البرنامج الوطني لتنمية المدن القديمة والمواقع الأثرية.
وزار رئيس الجمهورية كذلك تعاونية استغلال الحجارة المصنعة في تيشيت.
هذا وبالمناسبة ذاتها، قام رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز ظهر اليوم الجمعة في تيشيت ضمن برنامج فعاليات النسخة السابعة من مهرجان المدن القديمة بإطلاق برنامج محاضرات المهرجان في نسخته الحالية.
وجاء ذلك خلال زيارة قام بها رئيس الجمهورية للمسجد العتيق في مدينة تيشيت حيث أدى صلاة الجمعة، كما قام كذلك بزيارة لدار المخطوطات والمحظرة النموذجية.
وحضر رئيس الجمهورية في هذا الإطار المحاضرة الأولى في هذه النسخة.
كما أشرف الرئيس ولد عبد العزيز ظهر اليوم الجمعة في تيشيت، وضمن فعاليات المهرجان، على توزيع واحات نموذجية وألواح شمسية للري بالتنقيط لصالح 65 أسرة فقيرة في كل من تيشيت واغريجيت مقدمة من طرف البرنامج الوطني للتنمية المستديمة في الواحات التابع لوزارة الزراعة وإعادة تأهيل عدد من الواحات لصالح السكان في المنطقة.
وشملت الواحات 1862 نخلة وست آبار ارتوازية.
كما أعطى ولد عبد العزيز من تيشيت ضمن فعاليات النسخة السابعة من مهرجان المدن القديمة إشارة انطلاق كأس رئيس الجمهورية للرماية التقليدية التي تنظمها الاتحادية الوطنية للرماية التقليدية ضمن برنامج هذه النسخة.
ويتنافس على هذه النسخة 23 فريقا من بين الفرق المنضوية تحت لواء هذه الاتحادية.
وفيما يلي نص خطاب الرئيس الموريتاني في افتتاح النسخة السابعة من مهرجان المدن القديمة:
"بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
سكان مدينة تيشيت التاريخية،
ضيوفنا الكرام،
أيها السادة والسيدات،
يطيب لي أن أتوجه بخالص الشكر إلى سكان مدينة تيشيت التاريخية وإلى كل المواطنين الذين قدموا من مختلف مناطق الوطن، على الاستقبال الحار الذي خصصوه لنا اليوم، كما أرحب بضيوفنا الكرام الذين قطعوا المسافات الطويلة للمشاركة في فعاليات مهرجان المدن القديمة في نسخته السابعة.
ولا يسعني في هذا المقام إلا أن أتقدم بأخلص التهاني لكل الموريتانيين والموريتانيات، بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف أعاده الله علينا وعلى الأمة الاسلامية والعالم أجمع بالخير واليمن والبركات.
أيها السادة والسيدات،
لقد قررنا منذ ثماني سنوات، تنظيم مهرجان المدن القديمة كل سنة في إحدى مدننا التاريخية ليكون نشاطا متميزا ضمن الفعاليات المعبرة عن ابتهاجنا واحتفائنا بمولد خاتم النبيين والرحمة المهداة للعالمين محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهذه المدن مثلت عبر التاريخ، مناطق جذب للعلماء والطلاب ومراكز إشعاع للعلوم الإسلامية والمعارف الإنسانية التي حملها علماؤنا الأجلاء جنوب الصحراء وشمالها وعرفت ساكنتها على مر العصور بالتمسك بتعاليم ديننا الحنيف، دين الوسطية والاعتدال.
أيها السادة والسيدات،
لقد أصبح مهرجان المدن القديمة معلمة ثقافية أصيلة ومشروعا اجتماعيا متميزا يحيي تراثنا العربي الإفريقي المجيد ويعزز لحمتنا الوطنية ويبرز الإسهام الثقافي الموريتاني في تنوعه وثرائه الفريد ويحفز السياحة وينشط التنمية المحلية، كما أنه فرصة لإعادة الاعتبار لموروثنا المادي والروحي من خلال إحياء الألعاب الثقافية التقليدية واللقاءات الفكرية والمسابقات العلمية. وهو فرصة كذلك لإبراز عبقرية الإنسان الموريتاني وقدرته على التكيف مع محيطه واستثماره الأمثل لمقدراته.
كما أنه مناسبة لترسيخ قيم التضامن والتكافل في إطار الوحدة الوطنية والإخوة الإسلامية.
إن الواجب الوطني يفرض علينا الاهتمام بمدننا التاريخية وتنمية مواردها وتطوير بناها التحتية وفك العزلة عنها، فهي شاهد حي على حقبة ازدهار عرفتها بلادنا ينبغي علينا جميعا أن نفخر بها كما يجب علينا الحفاظ على هذه المدن والدفع بالتنمية فيها وأن نجعل منها أقطاب جذب للباحثين والمهتمين بتاريخنا وعاداتنا.
أيها السادة والسيدات،
إن إطلاق مهرجان المدن القديمة من مدينة تيشيت، التي ظلت مصدر إشعاع حضاري ومنارة علمية سامقة والمعبرة في عمرانها وثقافتها عن أصالتنا، يجعل هذه المدينة العريقة عاصمة للثقافة الوطنية لهذا العام ومصدر إلهام للعبقرية الموريتانية...
وفي الختام أجدد الشكر لسكان مدينة تيشيت التاريخية ولكل الذين سهروا على إنجاح هذه التظاهرة الهامة، معلنا على بركة الله انطلاق فعاليات مهرجان المدن القديمة في نسخته السابعة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته"