إعلان

الشاعر ولد الطلبه وعيد المرأة ..

ثلاثاء, 03/06/2018 - 23:01
الشاعر الكبير محمد الحافظ ولد السالك ولد الطلبة

محمد فال محمد حرمة‏

 

في أواخر التسعينيات بدأ صوت الحركة النسوية الوطنية يرتفع وتطوّرت أساليب المطالبة بما تعتبره المرأة حقوقا مهضومة، مستخدمة في ذلك بعض الخطابات التي اعتبرها بعض المثقفين حينها وحتى المثقفات تعريضا ومسّا من مكانة المرأة الشنقيطية التقليدية المحافظة وأسلوبها في الحياة، فيما رأى الحقوقيات المعاصرات هذا الرأي ظلما لهن وطعنا في ظهر حركة إصلاحية لا تريد إلا الخير والرفاه والتقدم للمرأة الموريتانية ..

في غضون هذا النقاش الدائر بين النموذجين النسويين والذي طالما كان عيد الثامن من مارس عيد المرأة موعدا له، كتب الشاعر الكبير محمد الحافظ ولد السالك ولد الطلبة قصيدته الرائعة "بنت شنقيط" دفاعا عن المرأة الموريتانية عموما معتبرا أنها أساس الحضارة الشنقيطية وقطب رحاها وهي من ازدهرت الحياة في حضنها وبنت مجتمعنا الكبير من خلال ما تنجزه في البيت من أعمال لا تقتصر على الخدمات وإنما تمتد للتربية والتعليم والصحة والإرشاد والتوعية والتثقيف ..

"بنت شنقيط" اعترضتني هذا المساء في ثنايا إرشيف التسعينيات وكأنها تتحدى الزمان وتستأذنني في الخروج سافرةً - على غير مذهبها - لتقول للثامن من مارس بلسان شعريٍّ بديع عدْ من حيث أتيت ليست لك منّة على المرأة في هذه الربوع الشنقيطية الطاهرة ولا لك يدٌ عليها، فهذه البيئة الطيبة النافحة بأريج العراقة هي خير ما يحفظ للمرأة مكانتها ويرعى حريتها وعلوّ شأنها وتميّزها ..

رائعة ولد الطلبة "بنت شنقيط" لقيّت مني ترحيبا وفرحا كبيرا سيشاركني فيه - لا محالة - متذوقي الشعر البديع في هذا الفضاء، إلا انه على الشعراء وكل المعجبين بالقصيدة أن يتفهموا مشاعر بعض متطرفات الحركة وجزءٍ معتبر من "لمْعيداتْ" في الثامن من مارس، اللاتي لهنّ دوافعهنّ المعتبرة قطعا عند البعض، ومع كل ذلك فلا يسعنا جميعا في هذه المناسبة إلا أن نقول لجميع نساء موريتانيا عيدا سعيدا ومزيدا من التقدم ..

بنت شنقيط ..

ماذا به عدت هذا العام يا عيدي .. 
من محدثات ومن أنماط تجديد ؟

ماذا به عدت مما قد يبلّغني .. 
من كل ما تشتهيه النفس مقصودي ؟

ماذا تشير به مما يحق به .. 
يا عيدُ عند بنات العصر تمجيدي ؟

أشرْ مطاعا بما علّي أفوز به .. 
في موقف من رعاع العصر مشهود

مما يساعد في رفعي وترقيتي .. 
عبر الهواءين مقصور وممدود

من ضرب رجلي على رسلي ليعلم ما .. 
من زينتي لم يكن طبعا بمجحود

من عرض زي على الجمهور سافرة .. 
دون احتشام سفورا غير محدود

فاهنأْ بما تمّ من جزّي لناصيتي .. 
جزًّا ومسحا لأعراف التقاليد

واهنأْ متى لم أعد للبيت راعية .. 
مميطة واجبات البيت من جيدي

محيلة حق أبنائي لحاضنة .. 
وراء باب من الآفات مسدود

لم أدر ما سوف يجري هل تهوّدهم .. 
أم هل تنصّرهم إذ كل مولود ...

وصاحب البيت ضيف لا يشاء متى .. 
ما شئت قلت له قم غير مطرود

أما نشاطي ودمجي في الحياة فذا .. 
شيء قديم قديم سابق العيد

كم كنت في البيت لا آلو أجاهد في .. 
إطار شرعي وفي آفاق مجهودي

أبنيه غزلا وحوكا ثم أفرشه .. 
نسجي وأطعمه إنتاج محصودي

في البيت روضة أطفال وحاضنة .. 
مني يحيطهم عطفي وتوكيدي

فيه حصانٌ رزانٌ لا تزنّ بما .. 
من شأنه لم يكن شرعا بمحمود

في قلبها دون مَن في قلبه مرض .. 
أشباح يوم عظيم الشأن موعود

والبيت مستوصف فيه ممرّضة .. 
مني تداوي بترميم وتضميد

أسعى مفوّضة فيه ومرشدة .. 
فالقوم لم يرشدوا إلا بترشيدي

والبيت كتّاب ألواح ومحظرة .. 
ملئى بشرحي وإقرائي وتجويدي

فيه أحضّر مشروعا لمجتمع .. 
من خير مجتمع في الناس موجود

قد طار صيتا من أثباج المحيط إلى .. 
شط الخليج على أيدي تلاميدي

في الفقه في النحو بذّوا والبيان وفي .. 
حفظ الحديث وفي نقد الأسانيد

والشعرُ والنثرُ والآدابُ قد أخذوا .. 
منها بأيديهم خُطم المقاليد

أحسنت تمهيدهم في البيت فانتصبوا .. 
صدور أندائهم من حسن تمهيدي

وعمدة البيت محفوظ بغيبته .. 
في الأهل في المال عن ضبط وتسديد

في العرض في الجار ذا قربى وذا رحم .. 
في الضيف فَلِّ السرى والليل والبيد

فكم وهو غائب مما أجود به .. 
حلّاه طارقنا بالفضل والجود

والأمر في البيت شورى بيننا فكما .. 
أحتاج تأييده يحتاج تأييدي

والله يوصي على برّي ويربطه .. 
بما على العبد من إخلاص توحيد

إذن، متى كنت مقضيا علي ولا .. 
أقضي ؟ متى كنت في ذلّ وتعبيد ؟

أنَّى أدين بما قد جئتَ تزعمه .. 
من فكّ أسري ومن إطلاق تقييدي ؟

يا عيد عد للألى حرّرتهن ولا .. 
تجمح فما أنت لي يا عيد بالعيد.