د. عبد الله السيد (*)
سألني ساخرا إن كنت قرأت عن دعوة موريتانيا لتنظيم قمة ثقافية في زمن متوتر كهذا؛ التسابق فيه لامتلاك أكثر الأسلحة فتكا ودمارا، والعالم يخطو فيه نحو حرب عالمية ثالثة... وأضاف يبدو أن دبلوماسيينا لا يتابعون ما يجري، أو لا يدركون أن السياقات المحيطة بالمتكلم لا بد أن تسهم في توحيه خطابه...
قلت لعل تلك السياقات هي ما جعلهم ينحون هذا النحو؛ فالجامعة العربية بحاجة إلى الاسترشاد بالفكر والثقافة، والوطن العربي في أمس الحاجة إلى مثل هذه القمم، والعالم أيضا لا ينبغي أن ينساق وراء أغراض ذاتية رخيصة تحركها نوازع الجهل والغباء؛ وبالتالي فالقمة الثقافية ضرورية للجميع.
أجل... على عقول العالم وحكمائه، على سياسييه وشعوبه... على بيئته وحيواناته... على شركات السلاح والطيران العسكري والصواريخ... على الجميع الاستماع لدعوة موريتانيا والشروع في تنظيم قمم ثقافية... قمم تبحث في المشترك بين الأمم والشعوب... تبحث في العوامل المحركة للفتن والصراعات وسبل علاجها... قمم تفرض على كل دولة أن لا تنفق على برامج التسلح سنويا أكثر من 1% من ميزانياتها... قمم تضع للساسة أولويات؛ منها: القضاء على الجوع، والفقر، والجهل، والعنصرية، والظلم، والمرض... وكل ذلك لا يمكنه أن يتم دون الثقافة.
فهنيئا لدبلوماسيتنا بهذه الدعوة. وليت ساسة العرب والمسلمين بادروا إلى تنفيذها وأرسوها أسلوبا لتجنيب العالم ويلات الفتن والحروب.
___
(*) أديب ومفكر موريتاني وأحد أشهر أساتذة الأدب بجامعة نواكشوط، له عدة مؤلفات وعشرات الأبحاث في الأدب والثقافة والفكر.
