إعلان

نص خطاب د. عبد الله السيد في حفل إطلاق "منشورات الشاعرة خديجة بنت عبد الحي"

خميس, 06/21/2018 - 16:18

ولد السيد يثمن دعوة الرئيس ولد عبد العزيز إلى إعادة كتابة التاريخ الوطني وإحياء التراث والأمجاد الوطنية.

 

ولد السيد:

لهذا الجيل من وفرة الوسائل والإمكانيات ما لم يكن للأجيال السابقة؛ وبالتالي فما ينقصنا هو المبادرات الخلاقة والمشاريع الثقافية القابلة للتنفيذ.

______

* الشاعرة خديجة عاشت عمرها إيمانا وإحسانا أحبها جميع من عرفها، وتناولتها أقلامهم ثناء وإشادة، واجتمعوا تأبينا لها، وتعدادا لمحاسنها الجمة، وتناولوا جوانب من إبداعاتها الجميلة، لكن لقاءنا اليوم في هذه السانحة السعيدة، تحت عنوان: "حفل انطلاق منشوراتها" لقاء متميز حقيقة.

____

 بعد 16 عاما على رحيلها عنا، وهي في ريعان الشباب، وعز العطاء، ها نحن نجتمع اليوم في حفل انطلاق منشوراتها.

_____

لا غرابة أن يلمز هذا الباحث أو ذاك  في أهليتنا للوصف "ببلد المليون شاعر" ما دام لا يتوفر له في الأسواق ديوان واحد من هذه المليونية.

* أشكر الدكتور بدي أبنو على ما يقوم به من دعم الثقافة والمثقف وطنيا وإقليميا وعالميا؛ بما حقق به لهذا الوطن سفارة ثقافية نجني ثمارها من حيث ندري ومن حيث لا يدري.

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

السيد ممثل وزارة الثقافة والعلاقة مع البرلمان

السيد رئيس اتحاد الكتاب والأدباء الموريتانيين

السيد رئيس مجمع اللسان العربي

الدكتور محمد ولد عبد الحي  ممثل أسرة أهل عبد الحي

الدكتور بدي ولد أبنو مدير معهد الدراسات والأبحاث العليا في ابروكسل

أساتذتي الأجلاء

زملائي الطلبة والباحثين

أيتها السيدات والسادة

اسمحوا لي بداية أن أشكر من فكر في تنظيم هذا اللقاء، وأنفق جهده وإمكانياته في سبيل تحقيقه، وأن أخص بالشكر دوحة العلم والكرم والأخلاق، أعني أسرة الشاعرة الراحلة الحية خديجة بنت عبد الحي، أن أشكرها فردا فردا، رجالا ونساء، أن أشكر ممثلها أستاذي الجليل الدكتور محمد عميد كلية الدراسات العربية والإسلامية بدبي.

أيها الحضور؛

لأن الشاعرة خديجة عاشت عمرها إيمانا وإحسانا أحبها جميع من عرفها، وتناولتها أقلامهم ثناء وإشادة، واجتمعوا تأبينا لها، وتعدادا لمحاسنها الجمة، وتناولوا جوانب من إبداعاتها الجميلة، لكن لقاءنا اليوم في هذه السانحة السعيدة، تحت عنوان: "حفل انطلاق منشوراتها" لقاء متميز حقيقة.

فبعد ست عشرة سنة على رحيلها عنا، وهي في ريعان الشباب، وعز العطاء، ها نحن نجتمع اليوم في حفل انطلاق منشوراتها، وبين أيدينا اثنا عشر كتابا: أربع منها من إبداعها، واثنان في إنارة أعمالها، وستة من إنتاج مبدعات من جنسها يحضرن معنا. وهذا ما يعطي لقاءنا جانبا من تميزه؛ فلسان حالنا يقول: إن تاريخ الإنسان لا يقاس بمرور السنين، وإنما بالأفعال والإنجازات التي تسطرها الإرادة  في ذاكرة الزمن. فها نحن تمكنا دفعة واحدة من نشر تسعة أعمال، أحدها من أربعة مجلدات ليتداولها القراء في مشارق الأرض ومغاربها، فتكون شاهدا لأصحابها، وعلما سائرا في العقول لا ينقطع إلى يوم الدين مصداقا لما جاء في الحديث الشريف.

 بعد ست عشرة سنة ها نحن تمكنا من نشر هذه الأعمال لنخطو خطوة في سبيل تدوين إبداعات أبناء هذه الربوع ونشرها؛ من منطلق الوعي بأهمية هذا الفعل الذي بدونه لن نخرج من طور الشفهية إلى الكتابة، من طور الطفولة الفكرية إلى الرشد... بدونه سنظل مجهولين ثقافة وإبداعا وعلوما وفكرا ووطنا؛ لذلك لاغرو أن لا تعرف نهضتنا أيام انحطاط الثقافة العربية، ولا غرابة أن يلمز هذا الباحث أو ذاك  في أهليتنا للوصف "ببلد المليون شاعر" ما دام لا يتوفر له في الأسواق ديوان واحد من هذه المليونية.

أيها الحضور الكريم؛

لقد جاهد علماء من هذه الربوع في أزمنة ماضية لإقناع مجتمع مقلد بضرورة التأليف والكتابة؛ فاليدالي، مثلا، يقول في مقدمة "فرائد الفوائد في شرح العقائد": "وإن من الناس من ينكر التصنيف في هذا الزمان قائلا إن كتب القدماء أولى بالاقتداء، وإن ما حدث من التأليف بدعة"، ويقول الشيخ محمد المامي في كتاب البادية: "فحاشى الذي أنزل في كتابه: ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون" من أن يجمع علينا أهل القرن الثالث عشر حرجين: يخلى عصرنا من المجتهدين، ويمنع الكلام في نوازلنا على أمثل المقلدين". وقد نجح أولئك العلماء في إقناع المجتمع بالتأليف والكتابة، بالرغم من شح المصادر وصعوبة الظروف، وتمكنوا من تفجير نهضة ثقافية وأدبية في سياق حضاري خاص؛ ليس لذويه من الحيطان إلا الآناء، ولا من المصابيح إلا ابن الليالي، ولا من الأقلام إلا قسي النبع والسمر، ولا من القراطيس إلا جلود الأنعام.

لكن نهضتهم تلك  ظلت بعد رحيلهم حبيسة الصناديق الأهلية، لم ينشر جلها، ولا تداوله الناس كما أراد له أصحابه علما نافعا يستمر عطاؤه في العقول، وينتشر صيته في الآفاق سفارة تقدير واحترام للأوطان ولذويها، وما ذلك إلا بسبب عدم عناية الأحفاد أو ضعف وسائلهم المادية، وفتور إرادة النخبة في خلق المبادرة وتكرارها كهذه التي نتشرف الآن بحضورها. يضاف إلى ذلك كله تواضع الإمكانيات المرصودة للثقافة في ميزانية الدولة منذ الاستقلال حتى اليوم.

أيها الحضور الكرام؛

لقد حان الوقت لنشر تراثنا وإبداعنا وفكرنا؛ فالظروف السياسية والاقتصادية والثقافية كلها مساعدة على ذلك: هناك مناخ من حرية التفكير والرأي انتهت بموجبه النظرة السلبية للمثقف من لدن الحاكم. وهناك دعم مادي ومعنوي أبرز تجلياته دعوة أعلى سلطة في الدولة ممثلة في رئيس الجمهورية فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز إلى إعادة كتابة التاريخ الوطني، والعناية بالثقافة، وإحياء التراث والأمجاد الوطنية. كما أن لهذا الجيل من وفرة الوسائل والإمكانيات ما لم يكن للأجيال السابقة؛ وبالتالي فما ينقصنا هو المبادرات الخلاقة والمشاريع الثقافية القابلة للتنفيذ، والشعور، أولا وأخيرا، بوضعيتنا مثقفين طموحنا وكينونتنا أن نقرأ... أن نفكر... أن نكتب... أن ننشر إنارة للعقول ومقاومة للجهل والعمى.

إخوتي الكرام؛

إنني وأنا أثمن هذا الجهد في "انطلاق منشورات الشاعرة خديجة بنت عبد الحي" بهذا الكم والكيف من الكتب والأعمال والدواوين لألتمس من القائمين عليه وضع الخطط الكفيلة باستمراره كل سنة في مثل هذه اليوم، حتى يترك هذا الجيل للأحفاد ما يضمن له الاحترام، وحتى نفي لهذه الأرض بحقها علينا: أن نترك فيها الكتاب: مستودع العلم والإلهام والإبداع، وينبوع القيم والمكارم، والعاصم من الفتن والحروب، ومشعل التنمية الحقيقية.

ومن خلال مؤسسة بيت الشعر التي ترعاها دائرة الثقافة بحكومة الشارقة، والتي أضطلع اليوم بإدارتها، ومن خلال مجموعة من المفكرين والمبدعين تجمعوا تحت عنوان: "سدنة الحرف" أتشرف بالانتماء إليهم، وكذلك من خلال آخرين انتظموا في "المنتدى الموريتاني للأدب واللغة والثقافة"... من خلال ذلك كله أعاهدكم أن نضاعف العمل بكل الوسائل حتى يتعزز الجزء الذي نقوم به من نشر ثقافتنا وإبداعنا؛ معلنين استعدادنا للتعاون مع جميع الكتاب والشعراء والمثقفين فرادى وجماعات، ومع الأجهزة الرسمية  في سبيل وضع خطط ثقافية: غايتها النهوض بتراث هذا المجتمع تحقيقا ودراسة، وتشجيع الإبداع والمبدعين فيه عن طريق نشر أعمالهم ودراستها.

وفي الختام أسمحوا لي أن أخص بالشكر الدكتور بدي ولد أبنو، مدير معهد الدراسات والأبحاث العليا في ابروكسل، على جهده في تنظيم هذا اللقاء، وفي تنظيم لقاءات أخرى، وفيما يقوم به من دعم الثقافة والمثقف وطنيا وإقليميا وعالميا؛ بما حقق به لهذا الوطن سفارة ثقافية نجني ثمارها من حيث ندري ومن حيث لا يدري؛ راجين من المولى عز وجل أن يعينه على ذلك، وأن يوفقنا جميعا لما فيه مصلحة هذا الوطن.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

عبد الله السيد