الخليل النحوي ... "ولد أمون.. الشاعر الترجمان الأمين المتحدث باسم الإنسان"

أربعاء, 10/03/2018 - 23:00

 

أطلعني أخي الأديب الكبير الأستاذ المختار السالم على شذرات من شعر شعبي بديع للأستاذ عبد الله بن أمون.

راقت لي هذه الشذرات شكلا ومضمونًا فقد وجدت الشاعر ترجمانا أمينا لشعب يتحدث باسمه، بل لأمة مكلومة، يستبطن همومها ومشكلاتها، يتحدث عن الإنسان من حيث هو ابن مجتمع مخصوص، ومن حيث هو مواطن في بلد معين، ومن حيث هو امرؤ مسلم، ومن حيث هو إنسان؛ فتجده ابن مجتمعه راثيا باكيا، وفي المجتمع من هذا الباب تنطوي قيم الإسلام ويلخص الإنسان إنسانيته، وتجده موريتانيا في نقده الاجتماعي والسياسي الموزون، حين يتحدث عن  الدستور وعن الواقع والمتوقع المطلوب، وعن التحزب لهذا الفريق الرياضي الأجنبي أو ذاك، وهنا أيضا يبدو لك المجتمع المقصود عينة ممثلة لكل مجتمع بشري، وتجده مسلما متوهج المشاعر حين يضرع إلى اللـه ويتوسل بنبيه الأكرم صلى اللـه عليه وسلم، مستدعيا شمائله المنيفة، وحين يخرج من الخلاف التقليدي حول الاحتفاء بذكرى المولد النبوي فيعلن أن هذه الذكرى أكبر عنده من الأعياد، ويهنئ المحتفين بها، ثم حين يتحدث بُحرقة عن مأساة الإنسان في مينامار. أقول الإنسان وليس الإنسان المسلم المضطهد فقط لأن مأساة من تجرد من إنسانيته وهوى سحيقا في دركات البهيمية المتوحشة هي مأساة مضاعفة. والشاعر في ذلك مترجم عن الإنسان أي إنسان كما يترجم عن تلك المعاني والقيم الكونية الناظمة في بيانه لمقتضيات الصحبة.

في تلك الشذرات وجدت دروسا في الأخلاق والسياسة والتاريخ والاجتماع، كساها حسن السبك وقرب المأخذ طلاوة هي سر الشعر وسحره.

وقد قر بعيني من وراء ذلك كله أن تصدر هذه الشذرات من معدن من معادن الشعر والعلم والأدب بمعنييه، وأن يكون لها في ذلك وفي ذاتها ما يدفع عن شهادتي هذه سهام التجريح وأنا المعتز بعلاقة ود خاص خالص بين والدي ووالد الشاعر، علاقة نستبقيها ونستحييها وإن بعدت الشقة وطال العهد شيئا ما.

تحية إلى الشاعر الداعية عبد اللـه بن أمون وإلى ذلك المعدن النفيس من معادن الفضل والعلم والمودة.

 

العلامة  د. الخليل النحوي (*)

_____

(*) شاعر كبير ومثقف موسوعي كبير، مؤسس اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين، ومؤسس أول جريدة يومية في موريتانيا، ورئيس "مجلس اللسان العربي في موريتانيا".