إعلان

فلسفة اللغة وفلسفة العقل / إبراهيم الأندلسي

ثلاثاء, 12/04/2018 - 17:47

يقول الفيلسوف جون سيرل في كتابه "العقل" عن اللغة و الفلسفة" إن التطور اليوم يعكس المعادلة ففهم اللغة لا بد أن يمر أولا بفهم العقل وهذا ما يجعل لفلسفة العقل الأولوية على فلسفة اللغة"

تجاوز "جون سيرل " تقسيمات الفيلسوف "أوستن " و الذي كان قد  قسّم الفعل الكلامي إلى ثلاثة أقسام أو مستويات، الأمر الذي بنى عليه "جون سيرل " حين  قسّم   الأفعال الكلامية إلى خمسة أنواع من حيث الغرض الإنجازي:
فهي إما تقريرية (وصف )
أو توجيهية (أمر أو حَث)
أو التزامية (تعهُّد أو قسم)
أو إعلانية ( إشهار أو إعلان )
أو بوحية (إفصاح عن مكنون نفس)

السؤال المطروح :
هل اللغة هي مجموع الكلمات و العبارات ؟
أم أن اللغة هي حصيلة ما يُفهم من كل منطوق و مكتوب؟
أم أنها تشمل ما يترسَّخ في ذهن السامع أو القارئ ؟

مشكلة اللغة مُتعددة الجوانب فتعابيرها قد لا تؤدي إلى نفس الفهم عند الفرد الواحد و كذلك الجهة و سيتعاظم الأمر حين يصل الدولةَ  ثم الأمة َ و كذلك حين يشمل الماضي بمراحله و المُستقبل المُؤتمن على توصيل المفاهيم و الدراسات بطريقة مُعينة، دون أن يزيدها غموضا و تشتيتا.
و سنجد أنفسنا في مُعضلة أخرى أكبر و أشمل ، و ذلك حين نتنقَّل بين اللغات و المفاهيم  و التعابير، و هذا في حد ذاته يجعل اللغة تُضيف من العقبات أضعاف أضعاف ما تُقدم من الحلول و الخدمات.
من  هذه الزاوية نظر الفيلسوف جون سيرل  ،و رأى أن اللغة يُمكن تقسيمها من حيث النتيجة الحاصلة من المُراد منها، و ذلك يُمكن حصرُه في نقاط قليلة و هذا ما يجعلها أقرب إلى الأرقام و الرموز، و هي خدمة جليلة لها لتُوصِل المَطلوبَ الذي تُريده هي نفسها، و هو المُراد منها في ذات الوقت، و هذا تَقنينُ عقلي يُساعد اللغة في ميدان تعبيرها ، و يُخلِّصُها من شوائبها و قُصورها لترتقيَّ درجا يُعين على تمام الفهمِ و التصور.
و ليس هذا دائما من باب التصادم بين فلسفة العقل و فلسفة اللغة، فقد يكون التَّكاملُ و التَّحْسِينُ  أقربُ إلى التَّعبير الصحيح من غيره، و تَظهَرُ  أيضا أمور أخري في مقولة الفيلسوف و أهمها عبارة  "الأولوية " و هي عبارة صادمة النُّطق تَحمِل شُحنةَ  الهجوم و التَّحجيم ، 
فهل تَقديم  فلسفة العقل يجعل  ضِمنيا فلسفةَ اللغة غير مُجْدية ؟
و هل التفاضُل بينهما أمرٌ إجباري حتمي؟
أليست بعضُ التقديمات في الأمور الفنية وَليدةَ الوظيفة و ليست بسبب القيمة و الدور الهام ؟
و هل للأهمية الكبرى ذلك الدور البارز الذي يُلغي الأقلَ ؟
ألا يَفُتُّ كلُّ ذلك التصنيف في عَضُدِ الهدف الذي يُشكل الغاية ؟

الهدف الأول من اللغة هو توصيل الفهم المطلوب للسامع و للقارئ  سواءً كان ذلك بحضوره أو غيابه ، و لو كان ذلك الغياب يَعْبُر الزمنَ  عَبرَ الأجيال، و هذه أمور تَجعَل التَّقنينَ و التدقيقَ ضروريين ، لسَدِّ هوامش الفهم و الإدراك الخاطئين المُفرِّغين للُّغة من مَقصودها المطلوب، فتصبح بذلك أقرب إلى الهراء ، الأمر الذي يُحتِّم قراءة  " القَصْدِية" قراءة جادَّةً  و حازمة .