إعلان

قراءة سريعة في "طلعة المجحود"

أحد, 12/09/2018 - 16:04

قراءة سريعة في طلعة " المجحود"
لمحمد عبد الله بن عمار و
قراءة سريعة في طلعة المجحود لمحمد عبد الله بن عمارو 
لم اقف _ ولست ذا باع طويل _ في الشعر العربي، على  معنى يضاهي المعنى الذي عالج الشاعر والأديب محمد عبد الله بن عمارو في طلعته التي تقول:
امنينْ اللِي نجبرْ
 مجحودي ما نحصرْ
نزيانْ أُ نسْتبشرْ 
دخلي وانعودْ اطفلْ
لوني معجونْ أصفرْ 
 فاخظرْ هاكْ امنَيَّلْ
أُمن كنت انعودْ اكصرْ 
كَرَّ، وانعود أطولْ
قامَه، وانعود أصبرْ
من كنتْ، أُ نتْمَوَلْ
وامنينْ الْ يتْحيَدْ 
عني ما يُسولْ
انولِّ محمدْ 
 عبد الله لوَّل

ذلك ان الشاعر في هذه الطلعة، لم يكتف بجعل لقاء المحبوب ( المجحود) ،منتهى امله وغاية مبتغاه، كما عُهد عند شعراء الشعر الفصيح والشعبي، وإنما تجاوز ذلك ، وصرف النظر عنه إلى معنى هو من نحته - على ما يترجح عندي لحد الآن - لقد اعتبر ولد عمارو لقاء المجحود سببا لتغييرات كثيرة تطرأ على حياته ، هذه التغييرات منها ما هو معنوي وقد طرقه الشعراء كثيرا ، واسهبوا في الحديث عنه ايما إسهاب ، لكن الجديد فيها هو تلك التغييرات الحسية،التي تجعل الشاعر يتغير تماما وتتبدل صفاته السلبية واحدة تلو الأخرى ، لتحل محلها صفات  حسية امثل وأحسن .
إن لقاء ولد عمارو لمجحوده يجلب له المال والجمال فيضفي على جسده رونقا، ويهبه سعة في الجسم وإشراقة في المحيا ، بالإضافة طبعا إلى كونه يغمر وجدانه بالبشر ، ويجعله خفيف الطبع ظريفا، بل وحتى صبورا .
وربما كانت هذه الطرافة والجدة اللتان  نص ولد عمارو عليهما في هذا النص ليستا إلا من مظاهر  تجربة اللقاء الناجع هذا ، فالرجل راوح في نصه ببن الصفات الحسية و المعنوية التي اكسبه اللقاء ( الإكسير )، مراوحة لا اعتقد انه يتعمدها ، بل لعلها كانت وليدة لحظة شعور إيجابي لقًح القريحة فجادت بمعان سلسة منسابة ، تتقابل فيها الخصائص الحسية مع الخصائص المعنوية واحدة بواحدة  تقابلا عجيبا .
ولعل الأطرف في طلعة ولد عمارو هذه هو انه جعل هذه التحسينات الحسية والمعنوية التي يُحْدِثها اللقاء ، ليست ملكا له سيبقى يصاحبه ، وإنما هي منحة يمنحها له القرب ليسلبها منه  الفراق كاملة غير منقوصة، فيعود الشاعر إلى وضعه الأول بكل حيثاته :
وامنين لْيتحيد 
عني ما يسول 
انول محمد 
عبد الله لول.
أرأيتم كيف ان الشاعر جعل من نفسه شخصين أحدهما : جميل طويل ظريف صبور غني ، وهذا الشخص يُوجده اللقاء ويحدد ملامحه ، اما الشخص الثاني فلم يحدد لنا الشاعر ملامحه ، لكنه ترك لنا فرصة معرفتها أخذا بالقاعدة التي تقول : إن الأشياء  بأضدادها تعرف.
يبقى أن نقول إن ولد عمارو في هذا النص سلك مسلكا فنيا نادرا وقليلا إن وجد ، ولعل اقرب ما قرأت له من حيث المعنى - مع كثير من الاختلاف - قول نزار قباني :
قولي أحبك كي تزيد وسامتي 
فبغير حبك لا اكون جميلا 
الآن قوليها ولا تترددي 
بعض الهوى لا يقبل التاجيلا
محمد أحيد /الشيخ سيد محمد