يناير 1977
أشيمُ طيفك في يسر وإعسار
كجذوة النار ليل الملج الساري
وأركب الآل خفاقا جوانحه
أرتل الرمل من سفر لأسفار
أسائل الركب عن قومي مرابعهم
والسابحات فما توحي بأخبار
وأذرع الأفق بالتحديق أغرقه
نجما لنجم وأمطارا لأمطار
مشردا أهبط القيعان متشحا
عبء الخطيئة مجلوا بأوزاري
ما الماء يرتاد حلقي فير عاصفة
ولا الصباح سوى همي وتذكاري
وا لهفة الطير قد هيضت قوادمه
في الجوِّ ما بين جدران وأسوار
والتائه النازح الأوطان ترمقه
كل القرى شزرا وا غربة الدار.
***
يا نفحة من عبير الحي باكرها
طل ومد عليها السجف بالغار
وبسمة من عيون الطفل خرقها
طول السرى واتقاء العار بالعار
وعودة طالما عاثت بأخيلتي
أنا المقيم على بعد واسفار
يا ربة المعبد الثاوي على جدث
هلا تعودينَ لحنا بين أوتار
يفنى الزمان وأحلامي ممزقة
لحما على وضم شلوا بمنقار
كل الحوادث أجراس تعنفني
فادريها بإرجاف وإنكار
قدح المناسم في الصوان أرهقني
الدهر قفر بلا زاد ولا نار
أكافح الغول عن قومي فاحسبها
مثل الخَوَرْنَقِ في رؤيا سنمار
يا للضياع بني شيبان مألكة
ليست طلائع مسعودٍ بذي قار
وللحفيظة كم نطوي على ترة
والحرب تكشف عن ناب وأظفار
أكل يوم وأشلائي ممزقة
بين البسوس وإخفاق بمضمار
أكل يوم وجنكيز يقارعني
فأستفيق على حبل ومنشار
يظل دمي لا حق ولا هدف
ويذبح الرفض في صلبي وأصهاري
أهمُّ بالثأر مطعونا فيعجزني
وما القصاص بلا نبل ولا باري؟
أخنى الزمان على رمحي فعلبها
وشتت الذُّلِّ أفراسي وأنصاري
ما في الغيوم أعاصيرٌ ومقصلة
وفي الغيوب عروشٌ بين أحجارِ
هيهات يا دوحة الآصار أدركها
إن لم تعودي إلى نبعي وأوكاري
***
لا تثكل النبعة الفيحا مُجَمِّعَها
والساحُ من سيف إياد وعمار
تل الجماجم في بيروت مشتعلا
تل المشاتلِ في قفري وآباري
والمدفع الصامت الغضبان منتصبا
مضيعا بين رعيان تجار
سدته من أعين الأرجاس مذأبةٌ
كالعنكبوتِ تحدى فوهة الغارِ
يحفه جحفلٌ بالكفر مدرعٌ
كما تحرش سيدان بهصارِ.
***
يا ويح نبهان أيلول يطاردني
ويستغيث هتوفي ليل أيار
وما سلوت عن الشهباء أرقبها
كيما أبوح لها يوما بأسراري
أقسمتُ والفجر مخنوقٌ على قرب
لقد تناهى إلى سمعي وأبصاري
وأنت يا مالكٌ لا الهام منتحبٌ
فما نكثت عهودي بعد إصراري
كم في الملايين من موت ومن ضعةٍ
وفي الفداء منَ ارْواحٍ وأعمارِ
ويا نجيعي أصخ سمعا لأوردتي
فما تبقى بها بحر من النارِ
آليت أخلعها درعي مخضبةً
أو تشربَ الكدرَ بعد اليوم أسآري
كفرت بالسلمِ هل أبكي على طللٍ
وبالعروشِ وقد ريشتْ بدولارِ
والموتُ ويحك هل موتٌ يُطهرنا
والحق رهنُ بآزال وأقدارِ
هاتي النعامة فالجبار منتسبٌ
وسرْ إليهِ فقد ناداكَ بالثارِ
فالحق قي القدس مصلوباً بشائرنا
وثورة التل إنذارٌ بإعصارِ
أكافح الغولَ عن قومي فاحسبها
مثل الخَوَرْنَقِ في رؤيا سنمارِ.