أصحوةُ الليل أم ليل هو النورُ
وفي الطريقِ جبالٌ أم قواريرُ
سهلٌ هو الخطبُ ما اساتجداكَ مدرعا
وحلوة هي لو تجنى التحاسيرُ
غدا سيدري كليب بعد رقدته
من الهدان إذا ارتدت أو الزير
متى وضعتُ لثامي سوف تعرفني
شمس الروابي وتغشاني النواويرُ
لدي حريقا يهزُّ الخافقين وقدْ
طال المخاض وكل السرج والكور
أقدم بنا مالكُ اشتاقت منازلنا
واستنسرت بالحما الزغب العصافيرُ
وامدد جناحيكَ بين الابتين فذي
طلائع الزحفِ والتاريخ محشورُ.
***
يا عروة الخير يا كنًّا نلوذ به
لج الكساد فبطن الأرض مقبورُ
وأما بنوك فقد ضاعت سقايتهم
خلف النكوصِ وللخذلانِ تقتيرُ
هل يكذب الكسعيُّ النبلُ مختلق
أم يضرب النهر بعد الصفو تكديرُ
يا عروة الخير لا الزرقاء تعرفنا
فتحت كل عريش حان مجدورُ
كنز ابن جدعانَ طينٌ فوقَ سابلة
وقوس حاجب إرجافٍ وتحذيرُ
وعودة القارظ المختار زندقة
فكلنا قارظ والقرظ محظور
يا عروة الخير عادَ الفيلُ ثانية
يخب من خلفه فندٌ وكافورُ
وجحفلٌ من جراد الترك يركبنا
ومن بزنطةَ تغزونا الزنابيرُ
سبعٌ عجاف وفي الأفلاكِ سنبلةٌ
فهل لرؤيا بني الشهباء تفسيرُ
لا خبز لا ماء لا مرعى ولا كنفا
يلمنا كل وادينا مواخيرُ
وما تبقى لما في الجدب من وكنٍ
إلا السواقي وباب الكهفِ مكسورُ
قالوا لنا خلف هذا البحر جنتكمْ
أذلك البحرُ أم تلك الدياجيرُ
وإنَّ قيسا تلاقتْ في مضاربها
بذي المجازِ وإنّ البيتَ معمورُ
قالوا لنا يا أبا الأيتام إنَّ لكمْ
ثوب الأفاعي وإنَّ الوأد مقدورُ
زحف الجمال وئيدا سيرها نذر
بلعنة السيد والطوفانِ تحذيرُ
من يرقب القادم الوضاح في لهبٍ
هذي الأرانبُ أم تلك اليحاميرُ
أواه! لو تنبت الأرماح في صنم
أواه! لو تملك المر الجماهيرُ
يا أيها الفقراء المنفيون هلا
إن الزمان لكم فاستكثروا ثوروا
وحطموا هيكلَ الأوثان واحتضنوا
وجه التراب فإنَّ الحق منصورُ
لا تتركوا مهرة ترعى بلا رسن
أو مربعا ما به ورد وتصديرُ
آمنت بالأذرع السمر التي فرعت
كنانة الله والأفاق خنزيرُ
وتهت في ملكوت العشقِ مغترفا
من خمر تدمر حتى يشرق الديرُ
***
سلمى قطعت إليك البيد مرتجلا
هواي فالهام فيا أعين حور
ومارس الحب في قلبي تمائمه
من يوم جئنا هنا فالحب تكفيرُ
سلمى خذي من هباب الليل آنية
فليس في العالم المكفوف تنورُ
لا تسأليني لماذا أنت معتقِلٌ
كل الفجاج فقد يستصرخ العيرُ
ولا تردي جماحي عن مخاطرةٍ
فما لغيرك ذي الخضرا ولا الدورُ
ضُمِّي إليكِ طُموحي عن مخاطرةٍ
وعانقيني فبعض الخوف تشميرُ
ولا تقولي إلى خلفٍ فليس به
إلا القبور وإلا الأعصرُ البورُ
لو كان في الرمس وهج من تولهنا
لما خطونا فضمتنا المضاميرُ
أحلامنا في خيامِ البدو باطلةٌ
ومهدنا في مراعي الحي مهجورُ
ولهونا في ظلال السرح آصرةٌ
من الوجودِ طوتها الكُنَّسُ المورُ
ظلان في هاجس الصحراء مقصدنا
مدينة الشمسِ يحبو دونها السورُ
سنأكلُ الرملَ معجونا بأدمعنا
ونشربُ الآلَ تحدوه الأعاصيرُ
ونوقدُ النارَ كيف النارُ في بلدٍ
مات الغضا فيه لا دفء ولا نورُ
هيا ارحلي فالسنون الشهبُ موكبنا
ولا تريمي فخلف النجم تغويرُ
إنا هنا لامتلاكِ النهرِ فادرعي
صبرا فلا الجوع ثنينا ولا الجورُ
إني منحتُ لنار الحبِّ أغنيتي
واخترت موتي بها فالموت تجذيرُ
بكل أرضٍ سعت رجلي مطاردة
كأنني واتر والدهر موتورُ
في جبتي يسكن الإنسانُ مستلبا
وفي ذراعيَّ يبني جحره النيرُ
يساقط البسر في حضني معتقةً
من النجيع وزند البرقِ مبتورُ
ويصغر الكونُ في همسٍ أردده
ولو صدعتُ به فالكون قطميرُ
كل القرون ترامت فوق راحلتي
فقدتها والزمان القزمُ سكيرُ
لو ينزع الدرع عن قلبي لكان به
من الجذوعِ ملايير ملاييرُ
هنا صُلبت فكان البعث وارتفعتْ
فوق السماواتِ بالمسرى تباشيرُ
وتحت كوخ من الحصران مرتكسٌ
صرخت فانسحقت فيه المقاصيرُ
هنا رفعت يدي في وجهِ طاغيةٍ
فضجَّ بالعرش تمجيد وتكبيرُ
ومفرد نسجت كفي هلاهله
حتى عطفت عليه هو مخمورُ
ألجمته السيفَ مسمومًا بغائلتي
وقلت خذها فأنت اليوم مكثورُ
ومهمه ضربت خيلي مفازته
حتى استقام وجري الخيل صنبورُ
ما استأسر الركض من طري سوى قسم
إنَّ انبعاثي بنسع القلب ممهورُ
وباتر تقرأ الدنيا بشفرته
كأنما الغيب في حديثه منشورُ
لَـيَعـْــوِ بالدرب غول أنت قاتله
إنَّ الردى في عيون الطفلِ شحرورُ
فما اقتنى منك يوم الروع حنظلةٌ
أعذاقها الأسلُ والجرد المحاضيرُ
فيا جبالا من الأحقادِ لافحةً
تفجري حمما ينفخْ لك الصورُ
إني مكافح اقداري إلى أبدٍ
لا ينتهي شأوه أو يشرق النورُ.
_____