"ابير لحمار"... والمنافرة

أحد, 09/12/2021 - 03:58

سيدي محمد ولد متالي

 

ألا أيها الخاتلي بالمقل ــــ لتصطاد قلبي أضعت الختل
فلو كان قلبي معي صدته ـــــ و لكن قلبي بقلب الجمل.
بيتان ليقوى الفاضلي... و قلب الجمل عبارة عن كثيب متوسط ينتهي فيه مجرى كَيوه إلى الشمال الشرقي منه ... و هذه الأخيرة مزرعة لأهل البوصيري من قبيلة تاشدبيت...و هي بداية ما يعرف ب" لمسايل" شرقي المذرذره...
و المعنى الموجود في البيتين يتوارد مع ما قصده العلامة امحمد ولد أحمد يوره في قوله:
يحد اتلوم إعلي يلياش ـــــــــــ عندي بغي الريم ؤ يعماش
و اعل عودان الغيد أواش ـــــ عندي ما ذاك أل نختير
أمنادم عكَلو هو باش ـــــــــ يفصل بين الخير امن الغير
ؤ عكَلي كَاس المولع بيه ـــــــ ذو ليام إحن عند ابير
لحمار ؤ منها و اعليه ـــــــــ يلكَين و أياه إعل خير...
و ابير لحمار, بترقيق الراء, أي المحاكاة... و هو منهل قديم بالقرب من تنبراره... قيل إنه وقعت عنده منافرة بين رجلين من ترارزه... كمنافرة علقمة بن علاثة و عامر بن الطفيل المشهورة في الجاهلية..... و المنافرة هي أن يعزم المتنافسان على ألا يقوم أحدهما بعمل إلا قام به الآخر... و قد حدثني من روى عن الثقاة أن الرجلين أحضرا مالهما و سلاحهما و خيلهما... و بدآ المنافرة... فأعطى كل منهما من كرائم ماله... و تنافسا في الفروسية و في الرماية و في حفظ القرآن و في النحو و الشعر و الألغاز... فكانت المنافسة بينهما سجالا... حتى حجز بينهما كبار قومهما.... فسمي المكان ب" ابير لحمار"
و في أبيات يكَوى إلحاق ال باسم الفاعل و ضمير المفعول في قوله "الخاتلي" و هو شبيه بقول ابن زيدون:
من مبلغ الملبسينا بانتزاحهم         حزنا مع الدهر لا يبلى و يبلينا...
و إن كان بن زيدون متأخرا عن عصور الاستشهاد التي تنتهي بالفرن الثاني الهجري في المدن و الثالث الهجري في البادية..
و فيه تظهر الوشائج القوية بين اسم الفاعل و الفعل حتى إن اسم الفاعل قد تلحقه نون التوكيد التي هي من مميزات الفعل المضارع.. كما في قول الراجز:
أريتَ إن جاءت به أملودا ــــــــــــــ مُنعَما و يلبس البرودا
                        أقائلنَ أحضروا الشهودا
و تعريب يكَوى لقلب الجمل المعروفب ب" اكَليب اجمل" مثل تعريبه ل" شكَ الخيمه" ب" مخرم الببيت " و " تنييظه" ب " ذات الكلاب" في قوله:
فبذات الكلاب مغنى و مغنى ـــــــــ لسليمى لدات نُبيكة راها
و لها حول مخرم البير دارـــــــــــــ أو حشت بعدها و صُم صداها
و يرتبط بيتا يكَوى عندي بموسيقى " مقام التحزام" عند المرحوم المختار ولد الميداح في
 انسجام بديع عنده بين النغمة و الكلمة... فعليه رحمة الله...