(البادية..
الأهالي هناك في نسيم قديم يتسلل بين أوراق الشجر..
في فصل الخريف وفي المناخ والطيور والغيوم التي تمارس بطولاتها الرياضية بمساحات السماء الزرقاء..!)
فؤادي كأهل الوَجْد بالفقْدِ مُدنَفُ..
وأيُّ حَبيبٍ في المحبةِ يُنصَفُ ؟
أُحاولُ للإحساس وَصفًا مدَوزَنًا..
فهل يَوصَفُ الإحْساسُ ساعةَ يُوصَفُ؟!
على رُبْوةٍ خضراء أصعدُ سائحًا
ومِن منبع الأمطارِ أَغرِفُ أَغْرِفُ..
أُحِسُّ حنينًا غامضًا يَستبدُّ بي
فأرنُو لأطْيار الْسُّدودِ تُرفرِفُ..
وأعبُرُ من فوْق الجَداولِ مُنصتًا
إلى طائرٍ في سِدْرة الرُّوحِ يَهتِفُ..!
أُحسُّ سلامًا في نعيمِ تَنفُّسي
أَرقُّ من اَحْلام الْجَمالِ وألطفُ..
أُحسّ عُطورًا في الرُّبَى عَفَويَّةً
ولَلْعطرُ يحْلو حين لا يُتكلَّفُ!
هي الأرضُ إذْ يأتي الخريفُ فعَزِّ كلَّ
مَن عن تَفاصيل الْخريفِ تَخلَّفُوا..
وَمُرَّ على تلكَ الدِّيارِ تجدْ بِها
نُقوشًا من الأمجادِ ليستْ تُحرَّفُ..
وَمِئْذنةً في الأُفْقِ تعلُو كأنّها
كِتابٌ جميلٌ بالغَمام مُغلَّفُ!
وقَلْعةَ أعشابٍ تُحيطُ بمسجدٍ
كأن شَذاهَا لِلصَّلاة سيَدلِفُ..
هُنالكَ حَيثُ الْقَرْيةُ السَّمْحةُ اكْتستْ
من الشّمس شالًا ليس بالظّلِّ يُصْرَفُ..
فَأنجُمُها مِلْءَ الْعَفافِ تَمَرْيَمَتْ
وأقْمارُها -ما قُدَّ ثَوبٌ- تَيَوْسَفُوا !
هُنالكَ حيثُ الكائناتُ وَديعةٌ
وحيث ثمارُ الخُلدِ بالحَمْدِ تُقطَفُ..
وحيثُ نَسيمٌ مِ (الْجَديدِ) يَفوحُ في
مَساءٍ تَرى فيه الْهواءَ يُنظَّفُ..
وَرائحةُ الأشْجارِ تَلعَبُ في السَّمَا
فَعنْها أَزاحَ الْجاذِبيّةَ (لَقْظَفُ) !
هنالك حيث السِّدْرُ ينشرُ رُشدَهُ
و"تَيْدِشْمَ" في شَرْحِ (التَّمايةِ)● تُسرِفُ..
هُنالك حيث الوقتُ فيه سَعادةٌ
تُغَنّي كثيرا لِلْمَكانِ وتَعزِفُ..
هنالك حيث التمرُ يُلهَمُ طعمَهُ
وحيثُ نوافيرُ البساطةِ تَذرِفُ..
وحيثُ طُيورٌ كالْخيَالِ جَميلةٌ
تَذوقُ مِياهَ المُزْنِ دَومًا وتَرشِفُ..!
وحيث أُناسٌ مِ الأَعِزَّةِ آلَفُوا
قُلوبًا وفي أسْمى المَعارفِ أَلَّفُوا..
شَذَا جَوْهِرِ الإيمان يَسكنُ حِسَّهم..
وكُنْهُهُمُ -إن يُدرَكِ الْكُنْهُ- مُتحَفُ..!
هُم السّادةُ المَجدُ التّليدُ مُخلَّدٌ
بهمْ..وبهمْ دَمْعُ الزَّمان يُكَفْكَفُ..
يَنابيعُ عِلمٍ مَحْظَريٍّ مُؤثّلٍ
بهمْ ثَمَراتُ العِلْم بالعِلْمِ، تُكشَفُ..
كِرامٌ بهم نَخلُ التكرُّمِ فارعٌ
فحتّى أبابيلُ الطُّيور تُضيَّفُ..
وفي كلِّ بيْتٍ قد تغيبُ صحائفٌ..
على أنّه لا ريْبَ يحضُر مُصْحَفُ!
خِصالُهمُ الغرَّاءُ جُملةُ أَنهُرٍ
على "رؤية الزَّرْقاء" في الصِّدْق تُعطَفُ..
لَئِن كنتُ -حقًّا كنتُ- ما قلتُ كُلَّها
فَبعضُ كَلامِ المَرْء بالّصمْتِ يُعرَفُ !
●الكلمات بين قوسين أسماء سُدودٍ في القرية.
محمدالمختار/محمدأحمد
