إعلان

هل نوٌحدنا آلام الماضي... محاولة لقراءة مغايرة لتسجيلات السيد الوزير

ثلاثاء, 11/02/2021 - 01:28

النجاح بنت محمذن فال

 

 

اطلعت علي تسجيلات صوتية للوزير الاديب@محمد فال بلال تعرض فيهالبعض محاور السياسة الموريتانية، في حديث شكل في بعض ملامحه إضاءة قيمة لهذه المحاور وفي البعض الآخر إثارة جادة لها ..

قد نتفق او نختلف في هذا التصور او ذاك لكن ليس لنا إلا أن نقدر اهمية المحاور التي طرقها ومابذله من جهد قيم في سبيل إثرائها..

ولما اني اسمح لنفسي بحق الاختلاف مع غيري

خاصة حين استلهم من القول الماثور "من سعادة المرء ذكاء خصمه " واقول ذكاؤه وأدبه وانفتاحه فإنني ساعلق علي تسجيلات السيد الوزير في النقاط التالية

1 الحديث عن المستعمر الفرنسي وطبيعة تعامله مع سكان الجنوب والشمال مرتبط بتوقيت هزائم المقاومة ..اي ان المقاومة في ولايتي اترارزة ولبراكنة كا نتا علی مدار القرن التاسع عشر ساحة للمقاومةضد المشروع الفرنسي بقيادة العقيد افدرب حتي بعد معركة الرگبة 1956

التي اختطف فيها الامير البركني محظد ولد سيدي الذي فرضعليها منفي قسريا في الگابون حتي وفاته

كانت المعارك بين العقيد افدرب وبين عدهاتين الإمارتين ذات مد وجزر مد وجزر إلي ان اختطف الامير محمد ولد سيديامير لبراكنة وتوفي الاميرمحمد لحبيب 1858 بعد غزوه للعقيد افدرب في اندر وتحديه له بزواجه من الاميرة جنبت امبدش وريثة عرش والو التي كان الفرنسيون يرفضون زواجه منها وهي والدة ابنه الامير اعل

وكان افدرب قدكتب الي حكومته قائلا (إن من يطالب اترارزة بالتخلي عن والو كمن يطالب فرنسا بالتخلي عن الالزاس واللورين )

وكانت مملكة والو تشكل مجالا استراتيجيا للبظان جعل محمد لحبيب يستميت في الدفاع عنها وقد اعتبر افدرب في احد رساىله لحكومته أن جهاد محمد لحبيب ودفاعه عن (والو) هو خيار بيضاني عام ووصف محمدلحبيب بانه امير كل المسلمين

مما يجعل الدارس يتساءل هل كانت المقاومة الموريتانية في المجال البيضاني تخضع لطابع الولاء لاي امير مقاوم سواء كان شمالا او جنوبا .......

من هنا يمكن ان نصل الي ان التمدر س الفرنسي كان خاضعا لمعيار خمود المقاومة لانه يشكل جزء منها ، فكل ماخمدت المقاومة في منطقة وتسني الاستقرار فيها اقام فيها المستعمر مدارسه وبما ان المقاومة الاميرية خمدت في الجنوب في القرن التاسع عشر تمكن الفرنسيون من اقامة المدارس في مطلع القرن العشرين

حيث عرفت البلاد دون غيرها من مدارس المستعمرات الفرنسية نظام Medrassa

في كيهيدي 1912 وفي بتلميت وبوگي 1913 وقد كان الزنوج اول من فرض العربية والتعاليم الاسلامية في هذا النظام كما فرضوا العربية في مدرسة ابتاء الشيوخ التي تخرج منها المخطار ولد داداه في اندر حين كانت اندر عاصمة ماعرف في ذلك الوقت بموريتانيا

ذات الامتداد الي الضفة اليمني

كل ذلك يعني ان وضعية التمدرس مرتبطة بخمود المقاومة لابنوعية السكان

ولذللك فأنه حين اشتدت وطاة المقاومة في تگانت وآدرار ضد مشروع كبولاني ومن بعده مشروع فرير جان في مطلع القرن العشرين غاب التمدرس إلي ان خمدت المقاومة علي يدالجنرال گورو( Goraud)1912 .

فمن يتحدث عن التاريخ الاستعماري في المنطقة عليه ان يمرعلي ماقام به البظان من اجل والو وكيف تم حرمانهم من مدينة اندر التي هي كلمة ولفية بمعني ازريگ إحالةً إلي البظان لأنهم مختصون بظاهرة ازريگ " انجر"

وهي التي احتضنت

أول مدرسة موريتانية هي مدرسة ابناء الشيوخ La Medrassa chefs deTribus

وهي التي تخرج مزها المخطار ولد داداه وغيره وقد فرض الإخوة الوزنوج مع غيرهم من الموريتانيين تدريس العربية فيها وفي نظام Medrassa

وبعد الاستقلال كانت اول مدرسة اهلية تخرج منها الكثيرون علي يد شيخ زنجي هو محمود با والد الكاتب المتألق عبد الله محمود با

حدث ذلك عندما كانت الادارة الفرنسية هي التي تتولي إدارة البلاد فمابالنا ونحن ندير شاننا؟

2 خلال استماعي للصوتية الثالثة لفت انتبهي انتقال السيد الوزير من مرحلة الزي الذي فرضه المستعمر (القميص الابيض) ثم العودة إلي الدراعة ، إلي أحداث 1987 عندها تذكرت( احصيرت الكوري) كما هي في المثل الشعبي

فما اطول الحقبة الزمنية من الاستقلال حتي 1989وكان شيئا لم يكن !!!

الم تشهد البلاد مواجهات سياسية بين السلطة وحزب الكادحين االذي تاسس علي انقاض حركة القوميين اليساريين ؟

الم تشهد مواجهات عنيفة بين نقابة المعلمين العرب مع غيرها من المواطنين من اجل تدريس العربية في المدارس بشكل رسمي حيث كانت اختيارية حتي سنة 1964وحيث كان التعليم لايتيح شهادة الباكلوريا بالعربية

الم تشهد البلاد احداثا دموية بسبب المواجهة السياسية بين الحكومة وعمال اسنيم كانت برعاية قوي سياسية معارضة للنظام السياسي في ذلك الوقت ؟

الم تكن سنوات 1980 حتی سنة 1984مسرحا لاحداث دموية ناتجة عن المواجهات السياسية بين انظمة اللجنة العسكرية وخصومها السياسيين ابتداء من حركة AMD وماتلا ذلك من احداث دموية ماساوية تمثلت في تداعيات انقلاب 1981الذي نتج عنه مقتل الكثيرين وبقاء الكثيرين في منفي قسري وسجن آخرين

وهو وضع اقترن زمنيا باحداث اخري كان ضحاياها القوميون البعثيون الذين حرموا من حقهم الطبيعي في التوظيف داخل اجهزة الدولة فضلا عما تم بحقهم من سجن وتعذيب وقتل كان الشاعر العظيم فاضل امين احد ضحاياه ناهيك عن جراة الاجهزة القمعية للجنة العسكرية علي سجن وتعذيب الشاعر المؤلف الباحث الخليل النحوي .

ولم ينته الامر عند هذا الحد فقد حل قوميون ناصريون ضيوفا علي سجون اللجنة العسكرية منهم الشاعر ناجي محمد الاما

م والرشيد ولد صالح وغيرهم

وبعد !

ثم ماذا هل نسيت ايها الوزير انه في فاتح مارس 1984 وانواكشوط تداعب زرقة البحر ونداه وعذوبة الامل واحلامه اقدم جهاز القمع للجنة العسكرية الهيدالية علي اعتقال اكثر من مائة شاب ناصري خلال ثلاثة ايام إثر مواجهات سلمية تطالب بتحسين اوضاع الطلاب وتطوير الاقتصاد واطلاق الحريات ولاعلاقة لها باي انقلاب ولا اي طرف خارجي

وكان استهداف النخب واضحا فقد تم اعتقال وتعذيب كل من الشاعر كابر هاشم والشاعر الشيخ بكاي وبقي ناجي محمد الامام في المنفي بعد سجنه الاول

ولم تتوقف الاعتقالات عند حد التعذيب بل مارست القتل بدم بارد فراح ضحيته الشهيد سيدمحمد لبات والشاب احمد محمود

اما الذين ماتو تحت وطاة تأثير التعذيب فلا حصر لهم ..

ناهيك عن ما اقدمت عليه الاجهزة القمعية لولد هيدالة وجوب مصطفي وغيرهم من خلط في السجون بين الفتيات والشبان في اطار مثلا

اما مااقدمت عليه من تهجير للنساء من محل إقامتهم الاختياري إلي أماكن قسرية فاكثر من ان يحصي كل هذا ولاتمر عليه ولو بشطر كلمة ألا يستحق هؤلاء الضحايا الاعتذار منك والحال انك لم تبد مجرد الم وحسرة لما حل بهم

إن "الحصير لطويل "فعلا وإن شريط الاحداث الذي تجاوزت لمؤلم واليم فلكم لي فيه من ذكريات "اقضت مضجعي واستعبدتني'ولكنها ليست ذكريات صبابة لا ولا مرح إنه الحزن الدؤوب والحسرة اللصيقة .

معذرة إن كنت اطلت فالجرح عميق وماكان للوزير ان يتجاوزه !

يعني كل هذا ان الحديث عن الإرث الإنساني 1989لايمكن ان يجعلنا نصمت عما قبله ونجعله إرثا حيوانيا .

الا تدخل ازمات الحيوان ضمن اهتماماتنا ؟

فهل ماحل بكل هؤلاء المواطنين جراء المواجهات مع الانظمة القمعية لايستحق دموعا كثيرة فضلا عن مجرد كلمات تنم عن حسرة والم ؟

من البديهي ان كل هذه المواجهات مع اجهزة القمع ايام اللجنة لم ينج منها الا حركة MND

ذات الخلفية الماركسية.. وحركة الاخوان المسلمين اللتان كانت تديران الشان السياسي مع انظمة القمع خاصة ايام ولد هيدالة مع بعض الاستثناء بشان الاخوان في الايام الاخيرة لولد الطايع

ماعدا ذلك فإن حركة MNDكانت الظهير الايمن لحكم ولد هيدالةكما انها لم تكن طرفا في أي مواجهة عنف مع ولد الطايع فهل يعني هذا أن المآسي التي حدثت قبل 1989 هي إرث حيواني واحداث 1989إرث انساني ؟لماذا المفاضلة بين دماء الضحايا ؟

لقد كانت احداث1989 بمثابة امتداد لمسار قمعي للجنة العسكرية التي كان نصف اعضائها عندما أطاحت بالرئيس المخطار زنوجا

وهذا المسار الذي فصلناه آنفا ، منه ماهو مرتبط بتداعيات الانقلابات التي هي في القانون الموريتاني مصنفة بالخيانة العظمي كما هوالحال في انقلاب 16مارس1981

وكذلك انقلاب 1987الذي تعد احداث 1989اهم تداعياته

كما ان أحداث 1981مرتبطة بدولة اجنبة مما يضعها في خانة الخيانة العظمي ونفس الشيء احداث 1989 التي هي مرتبطة بقضيتي الخيانة العظمي طبعا لايتم الحديث عما رافق انقلاب 1981من مصادرة لاموال كل من له علاقة بذلك الانقلاب لأن ذلك امر حيواني !

في نظري من الطبيعي ان يتم التحسر علي ماحدث1989خاصة من نهب لاموال كان مسؤولون إداريون في سيلبابي وگرگل طرفا فيها مع اني ارفض ان يكون ذلك ممنهجا لاني كنت اقيم في افديرك وفي منزل ضابط وعلمت ان اوامر صدرت لحماية كل المواطنين خاصة الزنوح المستهدفين حينئذ

اعلم ان هذا لم يتم في جميع المناطق فالمسالة هنا تتعلق باجهزة قمعية لم تكد تروي نهمها القمعي 1984حتي دخلت تداعيات انقلاب1987وسوء العلاقة مع الجارة السنغال

فهل نظل نختزل القمع في احداث1989 الاليمة ونعتبره إرثا إنسانيا وماعداه إرثاجِنيا ؟