إعلان

ددود ولد عبد الله: حول أصول الطرب الحساني "أزوان"

ثلاثاء, 08/29/2023 - 02:51

اطلعت على جانب من نقاش الإخوة (أحمدا) و (لا مات) و(أحمد حمودي) حول أصول الطرب الحساني (أزوان)، وقد أعجبني هذا النقاش، ورأيت تقديم ملاحظات قد تفيد في تأطير هذا النقاش :
1. الطرب الصنهاجي قديم ، وسبق أن تحدث عنه اللمتوني في أسئلته للسيوطي، في القرن التاسع الهجري
2. كان هناك شعر وطرب معقلي، وقد ذكر ابن خلدون نماذج منه ؛
  3. عرفت منطقة الغرب الإفريقي، لاسيما في عهد إمبراطورية مالي، ظاهرة الفئات المغلقة، ومنها فئة المطربين ، وكان لهذه الفئة دور سياسي بارز باعتبارها أداة إعلامية في خدمة البلاط، وقد أورد ابن بطوطة في رحلته نماذج من أداء هذه الفئة في بلاط إمبراطور مالي؛
4.لم تكن الأنساق الثلاثة السابقة (الصنهاجي، العربي، السوداني) جزرا منفصلة بل كانت تتبادل التأثر والتأثير، ولم تكن جواهر ثابتة ، بل كان كل منها يتطور مع الزمن بتأثير جملة من العوامل الداخلية والخارجية المؤثرة في ثقافات المنطقة بشكل عام؛
5.شكل الإسلام مع اللغة العربية الحاملة له بوتقة ثقافية يسرت عملية التفاعل بين هذه الأنساق الثقافية؛
6. تبلورت الثقافة الحسانية بشكل تدريجي وكانت غنية بانصهار هذه الأنساق بنسب مختلفة لتشكل نسقا جديدا منسجما عربي اللسان عموما، مع الاحتفاظ بكثير من الموروث الصنهاجي، والاندماج في بعض أطر التنظيم الاجتماعي السائدة في غرب إفريقيا، ومنها نظام الفئات المغلقة ؛
7. لا يستبعد في هذا السياق أن تكون الموسيقى الحسانية امتدادا لفن "أزوان" الصنهاجي الذي احتفظت به علما لها مع تطعيمه بالطرب الإنشادي العربي (الغناء => لغنا)، الذي تشبع بصيغ عروضية متأثرة بالنبرة الصنهاجية (بتوتة لحراش) ، ثم أصبح سياق إنتاجه محصورا في مؤسسة اجتماعية متخصصة (فئة مغلقة) حسب النموذج السوداني ، وهي هنا فئة إيكاون، وهو ما سميناه في نقاش سابق بالاستعارة المؤسسية؛
8. إن صحت الافتراضات السابقة ، يكون الدور التأسيسي لإمارة أولاد مبارك فيما يتعلق بالطرب الحساني، وطيد الصلة بانتباههم أخيرا إلى الوظيفة السياسية والإديولوجية للموسيقى باعتبارها أداة للهيمنة الثقافية الضامنة للهيمنة السياسية، ولا شك أن لذلك علاقة بتغلغلهم في مناطق كانت خاضعة لإمبراطورية مالي والممالك الوريثة لها، ويكون دور السودانيين (الكور) وطيد الصلة بنموذج الفئة المغلقة المنقول عنهم، مع ما يصاحب ذلك من نقل بعض الأشوار، 
9. إن بنية فن "أزوان" المتكاملة وتراتبيته، وأبعاده الفلسفية المتعلقة بمفهوم الطبائع  المعروف في الفلسفة الإسلامية التقليدية المنقولة عن الفلسفة اليونانية، كل ذلك يستدعي اعتباره صياغة إبداعية فريدة، متميزة عن مثيلاتها في الشمال والجنوب، مع تأثرها بهؤلاء وأولئك  .

 

__________

من مناقشات مجموعة "السلطة الرابعة" الثقافية.