مجرد خاطرة / محفوظة زروق

اثنين, 01/08/2018 - 11:59

أدير ظهري للتلاقي عبر الصدف وظهري جدار لا يٌهد. ما من صدفة ستجمعنا أبدا حتى يختفي هذا النهر الممتد! امض في طريقك كأي عابر سبيل فالبعد عمره سنين، والقلب لن يٌحرك ساكنا حتى ولو وقفت مكانك ردحاً من الزمن! جرحي لم يكن خدشاً طفيفا تعالجه بأي دواء من عندك، ولا بلقاء دون إستئذان، كما أن ذاكرتي لم تكن أداة للنسيان..

أرد السلام في عسر وأرتباك وعلى ناصيته يٌعرض شريطا قديما للذاكرة: شاهدته يلبس بدلة الغياب، يسافر بعيداً ليصنع عقداً ممن هُن أصغر مني سنا فيزين به نحري في هدية خالدة كالشهاب الموقد، شاهدتٌ المجرى الذي حفرته دموعي بين ديار المهجر، شاهدتٌ القلب يٌطعن بالفراق الإجباري ويٌحتضر، شاهدتٌ كيف تركني على أرض الذهول واقفة أردد قول أيوب وكل قطعة من أثاث البيت تشعرني بالفشل، شاهدتٌ كيف جلستٌ ووضعتٌ السكر جانبا، بدأتٌ أرتشف قهوتي مٌرة، وأمسك القلم لأول مرة أطارد دخان الكلمات التي أحرقتني في عهده لعلي أستطيع ترتيب شؤون القلب، خانتني الحروف ولَم أعثر على الكلمات، كتبتٌ الهمزة في غير محلها، بسطتٌ التاء المربوطة، كتبتٌ ما لا أعرف، بعثرتٌ كل مسوداتي وشوهتٌ معالم اللغة العربية حين عجزتٌ عن جمع حروفي المتبعثرة. فكان قلمي الأكثر هماً وبوحاً، كانت كلماتي عارية ولم أكتب شيئا يستحق الذّكر..حاولتٌ أن أتجدد لكني كما تشاهدون: أمرأة بدوية لا تستطيع أن ترتمي في أي حضن حتى لو قضت عمرها وحيدة ! ووحدتي ليست مطية يركبها كل من هبّ ودب!

وليتٌ ظهري للشريط لأن الرجوع مع تيار الزمن لايٌحتمل! ومشيتٌ نحو النهر في هذا الصمت المترامي وسط الخلاء الماكر والقلب يتصفح مذكراتي، فتيقنتٌ أن ما شاهدتٌ على الشريط كان قليلا من كثير، وفِي المذكرات دروس تلقيتها من طرف الحياة وكل الفضل يرجع إليه : علمتني الحياة أن أنظر للأشياء بعين الصمت، فعصيتٌ أمر الحياة . علمتني أن الحياة لا تتوقف عند شخص معين، وأن العاطفة كثيرا ما تٌخطئ الأختيار، علمتني كيف أتخلص من رائحة الحب المحترق، كيف أقنع نفسي أن من حرق الحب ميتٌ، و في ذاكرتي دٌفن، وكيف أعلن الحداد وألبس الأسود...عرفتٌ أن أوقات الضيق هي الطريق الوحيد لمعرفة معادن المقربين، تعلمتٌ كيف أتخذ القرار لألمس جراحي بقلم ، وأسلك طريق الجنون وأفتخر، لأنه لا أحد يعيش بسلام في هذا العالم غير المجانين، ووراء كل مجنون قصة تعلم منها الكثير. تعلمتٌ لغة الأشجار وصفير الريح، و كيف أشاهد غروب الشمس في بحر أوجاعي، تعلمتٌ كيف أطارد صغار البلابل فناح الحمام متعاطفا مع همومي .

والآن جئتٌ في زيارة للنهر لإكتشاف شيئا جديداً لا لمقابلة خطوط اليد فرويدك لا تتهور! و إن كنتَ تحسب أن نظرتك الأولى كانت أول دقيقة في الوقت؛ فاعلم أنني عبثتٌ بالدقائق وكسرتٌ عقارب الثواني مثلما كسرتَ قلبي، وقتلتٌ الزمن تحسراً على كل وقت أهدرتٌه غباءً ! فرجاءً غادر هذا المكان قبل أن تغرب الشمس من مشرقها! وإن كنتٌ أخطأتٌ يوماً في حقك سأترك الأمر للقدر فربما يمنحني الغفران .

 

 Mahfoudha Zerrough من صفحتها على الفيسبوك