إعلان

ذكرى رحيل الشاعر والمناضل فاضل أمين

اثنين, 02/19/2018 - 16:27
فاضل امين

فاضل أمين ... فتى الشعب

 

قبل ثلاث عقود ونصف رحل يوم الجمعة التاسع عشر فبراير فاضل أمين رحمه الله تعالى أو عاد من منفاه إلى أديم تلك الأرض التي ظلت علقا و عشقا بقلبه عاش من أجله و مات من أجله بعد أن أسلم الروح لبارئها ؛تلك الروح الحالمة بمستقبل مشرق في هذا المنتبذ القصي ،تلك الروح الفاضلة الأمينه التي تحدثت عن نفسها برقة قائلة:

أنا ما أردت سوى الحياة عزيزة
أنا ما وردت سوى العقيدة مصدرا

أحببت للأزهار زهرا يانعا
و لشعب هذي الأرض خبزا أوفرا

أنا هكذا فهل الحياة جريمة
أم أن حب الأرض أصبح منكرا

تلك الروح الخالدة التي حين أريد رثائها أو الكتابة عنها يعقد الحزن منطقي و بياني و هو أمر كان الأستاذ: الخليل النحوي سباقا إليه فبالأحرى أنا، حين يقول في رثائه:

عقد الحزن منطقي و بياني
أتراني أقوى على الهذيان

أتراني أنهنه الدمع صبرا
و أذود الأحزان بالسلوان

قرع الدهر مروتي و أراني
من تباريح صرفه ما أراني

في نجوم تنزاح و الليل داج
و زهور تذوي و عز مهان

يا زماني لطفا فحسبك مني
ما أعاني من الجوى يا زماني

و لعلني حين أريد الحديث عن فاضل أمين رحمه الله تعالى أختصر الحديث وهو محل إطناب أو أكتفي بتلك الأسطر التي كتبها محقق الديوان : الأستاذ أحمد فال بن أحمد الخديم حفظه الله على غلاف الديوان بعد أن أسهب في الحديث عنه في داخله؛ وهو في الحقيقة أمر مخجل و محزن ؛تلك الأسطر التي عرفت فاضل أمين كما يلي:
《هو محمد الأمين بن محمد فاضل بن افا المعروف باسم :فاضل أمين
ولد سنة 1954 بالبير المسماة انياركن (مقاطعة المذرذرة بولاية اترارزة) حيث تربى و ترعرع في بيئة معرفية و ثقافية عريقة.
كانت بوادر النجابة واضحة في المراحل الأولى من تعليمه، فكان يحفظ ألواح زملائه و زميلاته في الكتاتيب ؛حتى إن بعضهم كانوا يخفون عنه ألواحهم ؛ليلا يسبقهم إلي حفظها.
و بعد أن أخذ قسطا وافرا من التعليم المحظري ؛ نجح في الشهادة الإعدادية سنة 1973، فالتحق بالثانوية الوطنية، ليحصل على الباكلوريا 1977.
و في سنة 1978 ذهب في منحة دراسية إلى العراق؛ حيث تلقى تكوينا في ميدان المسرح، و تخرج بشهادة تقديرية
عمل مستشارا في إدارة الثقافة ابتداء من سنة 1980 حتى نهاية مارس سنة 1982 حيث غادر البلاد متخفيا إلى السنغال في بداية حملة الإعتقالات التي طالت البعثيين أنذاك، ولم يزل هنالك إلى أن توفي في منفاه يوم الجمعة 19/02/1983.
بدأ قرض الشعر منذ صغره وظهر نبوغه الشعري و لما يبلغ 18 من عمره.
شهد له العديد من النقاد والباحثين الموريتانيين بالسبق و الريادة في التجديد الأدبي ببلادنا، و احتل الحديث عنه حيزا مهما من كتاباتهم و ندواتهم حول التجديد في الأدب الموريتاني المعاصر؛حتى إنه لا يكاد يوجد بحث ولا دراسة و لا كتاب يتحدث عن الأدب الموريتاني الحديث إلا وله فيه ذكر موضوعي ؛ منهم من أفرده بالبحث و منهم من ذكره ضمن مجموعة معينة ، أو ضمن حقبة زمنية أو جيل محددين》
و لإن كان فاضل أمين رحمه الله تعالى لم يعمر إلا تسعا و عشرين عاما إلا أنه كان عمرا عريضا مليئا بالمعرفة والنضال والتأثير وحب الوطن وهو أمر يبصره كل قارئ لديوانه "الشعر في مواكبة النضال"
إلا أن الوطن الذي غنى له فاضل أمين رحمه الله تعالى "نشيد الأرض (يا أمنا يا أمنا)" وذلك الشعب الذي خاطبه قائلا :
قلت للشعب ياعظيم المعاني
قلت يا أرض يا سما يا رحاب

نحن أبقى من الضباب و أنقى
نحن شمس لم يفترعها ضباب

فاحمل الهم يا رفيقي و هيا
إنما يصنع الحياة الضراب

و املأ الكأس من دمي نتعاطى
كلما عز في الدنان شراب

و خاطبه قائلا:
لملم شتاتك يا شعبي تر العجبا
إن الزمان الذي تبغي قد اقتربا

جيش من النور في الآفاق مطلع
و جحفل من جراد الكفر قد غربا

لم يلملم شتاته بعد ، ما جعل الزمن الذي حلم فاضل أمين- رحمه الله تعالى - به لم يأت بعد أما جيش النور الذي حلم به فلقد تحدث عنه الشيخ بن بلعمش رحمه الله تعالى في رثائه لفاضل أمين رحمه الله تعالى بقوله:
حلمت به جيشا من النور مقبلا
ولم يك نورا غير سحرك في الوصف

و ها هي أحلام الشباب تحطمت
و ها نحن من جرف نسير إلى جرف

مشينا على رمضاء تنكر خطونا
و كنت إمام الشعر في الرفض و النزف

سلام على أهل الثقافة إن نسوا
عفا الله عنهم في التجاهل و الحذف

كأن دموع الحزن حبر يريقه
على ورق الخدين في لحظة الضعف

حضرنا وقد غبنا و غابوا وقد أتوا
فليت حضور الروح من غربة يشفي

و ليس بأيدينا فداء فنفتدي
و لكنه حرف ينوح على حرف

و لقد عاش فاضل أمين رحمه الله تعالى بتلك النخوة العربية التي تحدث عنها بقوله:
عربي أنا فيا أرض غيضي
وسماء أشرقي و جد يا سحاب

لهف نفسي على وحيد أبي
مزعت جسمه الهزيل الكلاب

للجياع العراة تسفي عليهم
هفوات الصفيح و الأطناب

للرفاق الذين ضاقت سجون
بهواهم وللعقيدة باب

تلك العروبة المنسية التي يشوهها البعض ويناقضها أحيانا مع الدين الإسلامي الحنيف تحدث فاضل أمين رحمه الله تعالى عنها بقوله:
نسي العرب خير دين فضلوا
وسعوا في زعارع العاصفات

و أضاعوا لسانهم فأضيعوا
و أكبوا على مريج اللغات

جهلوا الفقه والعلوم و أضحوا
أدوات المستشرقين الدعاة

أن مد الإسلام لا جزر فيه
فهو نور لكل ماض و آتي

واطلبوا العلم يا شباب بجد
لتصونوا مجد الجدود السراة

و اعملوا للجميع في كل وقت
يجب الموت في حياة المئات

نعم كان فاضل أمين رحمه الله تعالى عاملا للجميع في كل وقت حافظا لكتاب الله العزير من صغره مرتلا له حتى آخر رمق من حياته عالما بالسيرة والشعر والأدب وحكايا العرب وأديبا شعبيا وناقدا ومسرحيا ومحبا للكل و للأرض التي عاش عليها
و باختصار فإن فاضل أمين رحمه الله تعالى "فتى الشعب" كما يقول الشاعر الأستاذ الخليل النحوي حفظه الله في رثائه:
أيها العائد العزيز المسجى
في خشوع الجباه و الأجفان

يا نشيد الكفاح يا نغم العز
ة والرفض يا أمير البيان

يا فتى يعرب وفاء و برا
يا أخا المجد يا فتى الفتيان

لك عهد الرجال كفا بكف
و بنانا إلى العلا ببنان

يتمنون كل ما تتمنى
و يعانون في الهوى ما تعاني

قد فرشنا لك القلوب مهادا
و بنينا لك الضلوع الحواني

فإلى الخلد راضيا مطمئنا
يا"فتى الشعب" يا عظيم المعاني.

 

من صفحة الأستاذ محمد محمود ولد أفاه على الفيسبوك