برلماني... وشاعران... / أدي آدب

ثلاثاء, 08/21/2018 - 06:55

برلماني.. وشاعران:

في بلاد "المليون شاعر"، يتسلل الشعر، إلى قبة البرلمان، وغيرها من المواقع الرسمية، والشعبية، ويخترق كل التخصصات، ويندس في كل التفاصيل الحياتية، ويوحد كل المتناقضات..
استحضرت هذه التداعيات، حين استعادت لي اليوم صفحتي على الفيسبوك، تدوينة سبق أن كتبها النائب البرلماني/ الدكتور القانوني: محمد محمود الصديق، في مثل هذا التاريخ على صفحته سنة 2016، حيث دون -بتواضع العارفين-:
(ليس لي في الشعر والأدب باع ولا ذراع ، و"ذائقتي النقدية" ضعيفة ، ولكنْ ما فتحتُ لهذين "الفَتَييْن" - الذين لم ألقهما في حياتي - قصيدةً إلا أكملتُها ، ولا نَصا إلا استعذبتُه ؛ وذلك عندي هو مقياس الجمال الشعري حسب ذوقي الضعيف . ولما فَتّشتُ خلف هذا "الانطباع" الغامض عما "أسرني" في تلك القصائد؟ وجدتُ:
- جمالَ الأسلوب، ورِقةَ الألفاظ ، وانسياب المعاني..
- ووجدت الجِدّة والإبداع ، وعدمَ التقليد والاجترار..
- ووجدت قبل ذلك وبعده: روحَ الشهامة ، ومنطقَ الكرامة ، وكِبرياء العدل ، ورونق الحق.. ثم النفورَ من الضيم ، والازدراءَ بالسخف..
فحُقَّ عندي لهاذين الشاعرين أن يُتوجا - صِدْقا لا زورا - على هامة شعراء لـ 1.000.000 شاعر.أدي آدب- الشيخ ولد بلعمش)
والحقيقية أن حروفا قليلة مشحونة بحمولة كبيرة من صدق صاحبها، خير من كثير من المديح الزائف...الخاضع لجدلية "الولاء/ البراء، المع/ الضد... ورغم زهدي في التقريظ، فقد لامست روحي حروف الرجل، وفرحت بها أكثر في حق صديقي المرحوم: الشيخ بلعمش، فعلقت عليها:
( أيها الأخ المحترم، الذي لم ألتق به قط، شهادتك هذه أفضل عندنا من كل هرطقات لجان "التحكم" في الشخوص، أكثر من تحكيم النصوص... وصديقي يستحقها بكل جدارة، وأنا يحصل لي شرف الإضافة بأدنى سبب)
وكان رد صديقي الشيخ ولد بلعمش، طافحا هو الآخر بالفرح، والنبل، والإيثار، حيث دوَّن: 
(حفظكم الله وبارك فيكم.. لا يسعد الشاعر أكثر من أن يقول له الناس: إن شعرك يمتعنا ... لا أشك في صدق وصفك بخصوص أخينا الأكبر وشاعرنا الراقي أدي ولد آدبه.. وسأعتبر ثناءكم علي فضلا منكم وكرم أخلاق.. فأسمعكم الله ما تحبون ومكنكم من نيل ما تشتهون.. وعسى قولكم الطيب هذا يكون حافزا لي كي أغوص أكثر في يم القصيد فأجيء بلؤلؤ مكنون لا تنتهي حاجة الروح إليه في عصر المادة البئيس.. تحياتي وتقديري)
ما أعجبني أكثر أني كتب تعليقي قبل تعليق زميلي الشيخ، وأعتقد أنه كتب تعليقه قبل أن يرى تعليقي؛ حيث لم يحل عليه، ولم يسجل عليه إعجابا وقتها، ومع ذلك جاء التعليقان متطابقين، في الإعجاب بتدوينة أخينا الدكتور القانوني البرلماني، ومتفقين في نكران الذات، وتقدير الآخر..
مرت على هذه الدردشة سنة ونيف وتوفي صديقي الشاعر الشيخ ولد بلعمش 8/12 /2017، بنوبة قلبية، ألمت به إثر انتهاك حرم القدس الشريف، وبعد آخر حديث مسجل له، حاول فيه أن يبث روح تفاؤله في ركام طبقات التخاذل العربي المخيم على المشهد العربي، لكن قلبه الكبير اختل إيقاعه فجأة.. ولم يستطع وزْن شحنة الإحباط الأكبر.. غير أن حروف هذا التدوينة القليلة منحته لحظة رضى قبل موته.. لم يمنحها له أهل الاختصاص.

 

المصدر:

http://www.al-watan.com/news-details/id/151545