إعلان

العبقري في ميزان الأمن والخوف/ إبراهيم الأندلسي

سبت, 12/08/2018 - 16:50

يقول ألبيرت أينشتاين:

" المُثقفون يأتون لحلِّ المشاكل بعد
وقوعها  و العباقرة يسعون لمنعها
قبل أن تبدأ "

بعيدا عن تعريف الثقافة ،و ضبابيته و شموليته ،و التي تفوق الخيال فيرجع السائل عن الثقافة نفسها إلى سؤاله ، مُسترشدا به  لأنه سيكون أكثر دقة.
لنعتبر مرحليا  أن المثقف هو العارف بالشيء أو جزء منه و من خصائصه و أن المشاكل تعني العقبات الأصلية الطبيعية ، و العَرضية التي تنتُج عن الأخطاء ، و غير المتوقعة و التي تحدث بسبب سوء التخطيط و الفهم.
و المشاكل قد تَحمل جزءا من حلها لأنها تُساعدُنا على فهم الأسباب و عناصر المشكلة، و الخيارات الممكنة لتجاوزها ، أو التخفيف من وقعها على المجتمع و المُحيط.

فهل نحن بتلك النتائج قادرون على تجاوز الواقع ، و توقُّعِ المستقبل ؟
ألسنا نسير خلف المشكلة و نتتبع آثارها مثل من ينتظرُ الحُكمَ عليه
كي يُقررَ ردةَ فعله؟

في كثير من الأحيان كانت العدالة بجميع أجنحتها تسير خلف الجريمة،
و الخارجون عن القانون يملكون زمام المبادرة، و بهذه الطريقة كان المجتمع يُسعِف الضحايا بالدموع الساخنة التي تلبَس رداءَ العجز و الفشل، و قد يكون ذلك تغيَّر و لو بشكل جزئي، و ليس بصفة عامة نظرا لتعارُضِ الحقوق.

فما هي العبقرية؟
و مَن هم العباقِرة؟
و أين نجحوا  ؟

تروي الخرافات أن عبقر وادٌ غريب يسكنه الجِنُّ و أن كل مَن يأتي بأمر عجيب أو غير مُتوقَّع فكأنه سكن ذلكَ الواديَ ، أو شرب ماءه ، و تفنن الشعراء في وصف الوادي حتى تطوَّعُ الشاعر الموريتاني الكبير محمد الحافظ أحمدو  بتسمية ملكة ذلك الوادي حيث أطلق عليها اسم صَيْهُودْ
و هكذا تداول الزمن رمزية الوادي .

يقول ألبيرت أنشتاين :ما معناه أن العباقرة وحدهم قادرون على توَّقع المشاكل و الأخطاء و البحث عن حلول لها حتى لا تحدث ، و هذا استباق للكوارث و المصائب العظيمة، و هم بتلك القدرات الخارقة و الغريبة يملكون حسًا  نادرا  خاصا بهم، لكن فائدته عامة على المجتمع و تتعداه إلى المحيط بأجنحته الثلاثة:
البر و البحر و الجو.
استخدم ألبيرت أنشتاين كلمة يسعون ، و هي كلمة دقيقة  تحمل النجاح أو الفشل و لكنها تتضمّن شرف المحاولة و السعيِ الحثيث، و محاولة أخذ الزمام من كفِّ الكوارث
و الأحداث المؤلمة.
أمثلة النجاح و إن كانت قليلة  حين تُقابَلُ بحجم الكوارث  ، فدورها جوهري و موجود  في الجانب الصحي كالتطعيم، و في جانب توقُّع الزلازل و الأعاصير و غيرها من تسهيل الحياة و الخدمات،
و لكن أليس للعباقرة جانبهم الآخر ذلك الجانب المظلم و المُخيف؟
أليس العباقرة بعبقريتهم النادرة هم الذين طوّروا وسائل الدمار؟
أليسوا مَن أبتكر الأمراض كأسلحة؟
أليسوا من ساهم في التلوث ؟
أليسوا هم  الذين خلقوا آلات تُخيفهم قبل غيرهم اليوم؟
و السؤال الكبير الذي يستحق إجابة
عظيمة بحجمه و هَولِه هو :
هل خدم التّطوُّرُ الإنسان أم أساءَ إليه؟