إعلان

الفولان / عبد الله با با

اثنين, 04/01/2019 - 03:08

 

من جبال فوتا جالو في شمال شرقي غينيا على الحدود المشتركة مع مالي والسنغال
، التي تتوزع بين المرتفعات الشاهقة والمنخفضات والمجاري المائية الطويلة.. كان صوت الحياة الأول ومراعى البقر، وامتد وطن الفولان من البحر الأحمر شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا في حوالي إحدى وعشرين دولة..

من فوتا جالو انطلق الفولان شمالا في اتجاه موريتانيا وشرقا في اتجاه السودان . وأدى هذا الانتشار الواسع الي تباين اسم القبيلة من إقليم لآخر، فأطلقت عليهم أسماء مختلفة منها: بول، فولبي، فولاني، فلاتا، فيللاتاهس، بهل، فولا، فلان، فيلاني،هيلاني ..
ويقول البروفسور السوداني عبدالله الطيب إن كثرة مسمياتهم دلالة على شرف المسمى..

والمتفحص لأشكال شعوب الفولان يجد موزاييك الألوان (الباليت) المختلفة فهم إما بادية صفر الألوان أو حمر بلون الطوب الأحمر على حد قول بوركهارت، أو بيض فى الاصل القديم الذى أحاطت به التخرصات والمظان الاثنولوجية ؛ أو وسطيّو السمرة او حالكو السواد.

هذا الباليت لا يجتمع إلا لشعب او قبيل كبير يعقد عرى المصاهرة ويبسط علائق الأممية ويمتزج فى بوتقته الايدولوجية وحواملها الثقافية قبائل أخرى. 
ولذلك اختلف الباحثون حولهم تارة هم ساميون وتارة أخرى هم حاميون وفيهم البيض مثل ألوان البربر.

ولقد انشطرت رؤى الباحثين حول التاريخية الفولانية فمنهم من ردها إلى تاريخ بعيد فى القدم ومنهم من ذهب الى ردها الى تاريخ متأخر فى القرن الثانى عشر الميلادى ويبدو ان التاريخ المتأخر نتج عن تحركهم الجماعى من غينيا صوب مالى والنيجر ونييجيرا واقامتهم فى منطقة ماسنا .
ويعتبر المفكر السنغالي الشيخ أنت جوب Cheikh Anta Diop ، أن الحضارة الفرعونية حضارة فولانية، وأن الفراعنة من أصل فولاني.

أسس الفولان في منطقة نهر السنغال مشاريع دول إسلامية في بلاد فوتا نورو، وفوتا بيدو، وفوتا جالو، كان من أبرزها الحركة الامامية في ييدو بقيادة مالك سي 1690م..
والثورة الالمامية (الإمامية )بقيادة كارموكا ومؤسس مملكة الفلان التي تألقت في عهد خليفته إبراهيم توري ممادو (1751_1784م)..
وحركة تورودو بقيادة سليمان بال ت 1183هـ - 1769م. وقد تأثرت دولةَ الأئمة في تأسيسها بحركة الإمام ناصر الدين في منطقة الترارزة.

في المنتبذ القصي تعايش البظان وإفلان وبقية الأعراق يقول الأديب السونينكي
عثمان موسى دياگانا - ديمبو - في مجموعته الشعرية:
" Cherguiya -Odes lyriques à une femme du Sahel"
"الشرقية" - قصائد غنائية لإمرأة من الساحل" 
وهي امرأة من الفولان، هي (مُرتّلي) التي غنى لها دياگانا، و(لكويريَّه) التى غنى لها ولد آدب، و(lélé) التي غنى لها الشاعر تين يوسف گي:

"أحلم..
أفكر بمُرتّلي (ليلي)، بليلى وبالليل،
أحلم بلغتهنّ..باللغة التي تجمعهنّ
تلك التي يتخللها الحنين والتسامح،
أحلم بهنّ....بنساء مسّوفه...بنساء ولاته
الكاهنات الحرائر
يالَعذوبتهنّ....".

تمركزالفلان في المنتبذ القصي عند حافة الصحراء الجنوبية فيما اشتهر باسم الساحل وهناك امتزجوا بالبربر والسوننكي والوولوف، لم يكونوا صرحاء في صفات الإفريقية الزنجية، فقد نزعت بهم مجموعة من الأعراق منها العربي والبربري والزنجي.
كما أن الساحل وهو بالطبع الشرق الموريتاني هو مكان اللقاءات الأولى بين إفريقيا السوداء وبين العرب والبربر و هو مكان اختلاط الأعراق والأجناس و هو مكان للذاكرة ، حيث ازدهرت ممالك كبيرة ، ومدن كبيرة.
والشرق هو أيضا اتجاه الصلاة فهو اتجاه مهوى أفئدة المسلمين، مما يكسبه القداسة.
وبالنسبة للمرأة "الشرقية/ الفلانية" فإنها تحتل مكانة بارزة في موريتانيا وأهمية خاصة منذ العصور الوسطى كما ظلت امرأة حرة ملهمة فى مجتع أمومي يقدسها وتختال فيه واثقة الخطى ملكة دون حجاب، امرأة مستحيل.. إمرأة مشتهاة.. 
تلك المرأة التى يصعب الوصول إليها امرأة قاسية غامضة وغريبة..
ويضمن " ديمبو " فى إحدى قصائد مجموعته "ومضات أحلام في سنفونية الحب" طلعة الأديب الكبير محمد ولد آدبه :
ذي لكويرية يخزيه :: لا تميت أعلَ ذي الخبطَ
وأترگب فيّ عينيه :: لا هي نستكورْ ما نبطَ

يا عباد الله الصالِـ :: حينَ گومُولِ يرجالِ
كَومُ ، لكويريّ بالِ :: مرت بيه أبگيت أفورطَ
مفاتْ الليلَه ولاّلِ :: يرجالِ دورُ من معطَ
ملان بالي يبگالِ :: بالِ مغداه أمن المرطَ
ولا دورُولِ فالحالِ :: نجبرْ يعملهَ لِ شكطَ
ذي لكويرية يخزيه :: لا تميت أعلَ ذي الخبطَ
وأترگب فيّ عينيه :: لا هي نستكورْ ما نبطَ

موضحا أن الحب الذي يرمي إليه في قصائده لا يميز بين امرأة وأخرى ولا بين الأعراق، وأن الشعراء من كل الأعراق كانوا يتغزلون بنساء لسن بالضرورة من عرقهم :
وأحويلِ فَمْ أتحزمتيهْ :: يَ دَبُّو قصدك كتلِ بيه
وأگليبْ أمنْ الفظََّ درتيه :: لمعلمْ كيفنُّ شبُّ
أنتيَّ گاع أشلك بيه إريه :: يَ دَبُّو يختِي يَ دَبُّو
ذاك اليم إلي بنتي بيه :: يَ دبُّو شنهوَ طبُ
/
شفتْ اكويري يَمْهَا :: لكورْ فيهم برّاني 
بظانيَّ ولَّ امْها :: منخلعَ من بظاني

يقول الشيخ ول مكي:
كوريه گالتلي ننگص :: لوگيّة عن ميطر نخلص
نص اوگية وانَ مُحْرص :: والميطرْ فالحگ اوگية
غير اعيَ حد الحد اخص :: گايل كنت انها رُقيّه
ؤگلت الها عن ذ ميطر نص :: اوگية واثر الكوريه

ماهِ رقيه فم اعرفت :: انّي مغمي فيها هي
كنت اعليّ، والميطر كنت :: اثري مغمي فيه اعلي

يقول العلامة الأديب امحمد ولد أحمد يوره:
يا حبَّذا سوداءُ ذاتُ مَلاحةٍ :: في الحُسنِ ليس لها شبيهٌ يُوجدُ
لا تحسبوا ذاك السَّوادَ يضُرُّها :: فالخُبزُ أسودُ والخليفةُ أسودُ

يقول العلامة المؤرخ المختار ول حامدٌ:
ظنوا نحولا بجسمي قد أتيت به :: من السوادين حيث السَّلُّ والداءُ
سلاًّ فقلت لهم ما السلُّ أنحلني :: وإنما القلب هاجت فيه سوداءُ

ويقول دودُ سك (محمدن ولد ابنو المقداد):
إذا رأيتم أخا الخمسيـن أدمعـه :: تُبدي على الخد ما جنّ الفؤادُ وكَنْ 
لاتعذلوه على ماكان منـه فهُـو :: شيخ سبته فتاة الحي (زينبُ كَـنْ)

كامل الود