إعلان

رضاكَ رسولَ الله

جمعة, 09/17/2021 - 23:19

إبراهمي الأندلسي

 

 

(تخيلتُ مرّةً أن لحُبيْبَاتِ الرمالِ ذاكرةً، و أنها عند الخيوطِ و العِيدَانِ.. فكيف نستخرجها ؟ لنسمعَ أصواتَ الماضي )

(رضاكَ رسولَ الله )

سَنَا المَدحِ عِقدٌ نَوَّرَ النَّحْرَ والصَّدرا
و خَيرُ لَيالِي العُمْرِ  ما  عَانقَتْ  بَدْرا

تَجَهَّمَ  وَجهُ  الأَرْضِ  و  افْتَرَّ بَطْنُها
و مِن عَطَشِ الرَّمْضَاءِ تَبتدِرُ القَطْرا

على سَطْحِها تُروِي المَظالِمُ حُلْمَها
فما صَانَعَتْ عِزًا  و لا سَالَمَتْ  فَقْرَا

تَضاحَكَ  ثَغرُ   التِّيهِ   حَتَّى  تَمايَلتْ
عَوَاصِفُهُ  تَستَقطِعُ  الجِذعَ  والجِذرا

و  ما   عَلِمَتْ   نارُ    الجَهالةِ  أَنَّها
بغارٍ سَتُسقَى الماءَ والنَّفْحَ  والعِطْرا

أكانتْ  ظِلالُ   الغَار ِ  تَرقُبُ   نُورَه؟
أما سَجَدَتْ ظَلْمَاؤُهُ  تَسألُ   الفَجرا؟

حِجارَةُ  مُوسَى  بالعَصــَا  فُجِّرتْ لهُ
وعاشَتْ حِجَارُ الغَارِ تَحتَضِنُ الذِّكْرَى

لَقَدْ   أَكْرَمَ    الرَّحمنُ     بالغارِ   أُمَّةً
وكان  صَباحُ الأمسِ لا يَحْملُ  البِشْرا

أتيتَ  بنُورِ  الحَقِّ  في  صَدْرِ غُصَّةٍ
تُخاطِبُها  الأَحْناءُ  أن   تَنْفثَ  الغَدْرا

تَثَاءبَ   أصْحابُ   الخِطابِ   فقُسُّهمْ
تَفَاءلَ  ،حتى قِيلَ   يَستطلِعُ    الأَمْرَا

و  لَو أَنَّ  وَجْهَ  الأرضِ  ظَلَّ  بظُلمةٍ
لمَا   فُتِّقَ  الفِتيانُ  في   حَرَمٍ   زَهْرا

لمَا عَكَسَ  البيتُ  العَتيقُ   وُجُوهَهُمْ
تُقبِّلُها    الأَسْتارُ      سَائِلَةً      أَجْرَا

أَقَمتَ     مَقامًا      للخَليلِ      بردِّهِ
إلى أصْلهِ   إِذْ   كانَ   مُلْتَبِسًا   نُكْرا

أعَدْتَ   إلى السَّعيِ  المُقدَّسِ  طُهرَهُ
و أعْطَيتَ  دِينَ  اللهِ   والكَعْبَةَ القَدْرَا

أَتَيتَ   و  أَنَّاتُ   الضِّعافِ    تَوسَّلَتْ
لعَدلٍ ،و ثَغْرُ العَدْلِ   يَرْتَشِفُ  الوِزْرَا

أَتَيْتَ    و   أَصْنامُ     المَقامِ    كَثيرةٌ
وُجوهٌ  من الأحْجَارِ   تَعْتَمِرُ   الخُسْرَا

لها   دَعَواتٌ   من  صُدورٍ    تَرنَّحَتْ
تَظُنُّ مِلاكَ الأمْرِ  في صَخْرِها   حِكْرَا

أَتَيتَ  و  وَجهُ   اليُتمِ   وَجهُ  عُروبَةٍ
تُقاسِمُ  في أَقْواتِها  الرُّومَ  أو كِسْرى

أتيتَ و جُرحُ الأمسِ  يُسنِدُ   صُبحَه
أَخَاهُ  و  يُغْضِي  عن  تَفجُّرِهِ  عَصْرا

رَسُولا أَتَاكَ  الوَحْيُ  من بَعْدِ   فَتْرةٍ
أُذِيقَ  بها  الإِنْسانُ حَسْرَتَهُ  الكُبْرى

أَضَأتَ  لأَحْناءِ    الصُّدورِ    ظَلامَها
و   بَوَّأتَها     فِكْرًا   تُلامِسُهُ   نَصْرا

نَفَضْتَ عن المَهْمومِ  أوْصابَ دهْرِهِ
فأَدرَكَ   أنَّ   اللهَ   قد    فَلَقَ  البَحرا

أَتَيتَ   بآياتِ    الكتابِ  ،   تَلوْتَهـــا
فصَارت بها  الأَعرابُ  نَاطِقةً   ذِكْرا

مَسَحتَ  على  الدَّاءِ  القَدِيمِ  فبُشِّرَتْ
مَدارِكُ  أَرْوَاحٍ  بأنْ  حُجِبَ   المَجْرى

و  كَرَّمَ    رَبُّ   الكَوْنِ  بالسَّبقِ   ثُلَّةً
رَأَتْ  فيكَ  مِيراثا   تُميطُ  به  الإِصْرَا

أنا   يا  رَسولَ  اللهِ   من   نَسْلِ  تُبَّعٍ
و ذاكَ  كِتابُ الجَدِّ  كُنتُ   بهِ   سَطرا

مَسكْتُ   غُبارَ    الفاتِحِينَ   و   ذُقْتُهُ
ومنهُ شَمَمْتُ الصِّدقَ  والبِرَّ والصَّبرا

رَضَعتُ   بأنْجادِ    البَشَامِ    مَديحَكمْ
وشَاهَدتُ  قبلَ العَشْرِ مُستيقِظا  بَدْرا

و  هاجَرْتُ   أَيَّامَ   الشَّباب ِ  و  إنَّنِي
بأَنْدَلُسٍ  أُزْجِي   المَدَائحَ   و  الفَخْرا

أُنَادِمُ    فِيها  ضَادَ   عُرْبٍ     تَأيَّمتْ
و أُطعِمُ  مَخْزونَ  الدُّموعِ  بِها  شِعرا