إعلان

ثلاث منارات شنقيطية في تاريخ الثقافة المغربية

أربعاء, 03/12/2025 - 01:37

عبد الله العالي (Abdallah Al-Ali)

 

 

في إحدى المرات السابقة، أحيت الأمم المتحدة اليوم العالمي للمرأة تحت شعار "الاحتفاء بالماضي والتخطيط للمستقبل".

ومن منطلق هذا الاعتزاز بالنساء اللاتي كتبن أسماءهن في التاريخ بمداد من ذهب، تذكرت أن العلامة المغربي عبد الله كنون في كتابه "النبوغ المغربي في الأدب العربي" الصادر عام 1938، خلص إلى أن أبرز ثلاث سيدات تألقن في العلوم الشرعية والآداب العربية في المغرب الأقصى منذ بداية عهد السلاطين العلويين( الأسرة الملكية التي تحكم المغرب حاليا) في النصف الثاني من القرن السابع عشر الميلادي هن :

- لاله خناثة بنت بكار المغفرية، زوجة مولاي إسماعيل بن الشريف، أعظم السلاطين العلويين

- لاله عائشة بنت سيدي الأمين الأزرق، زوجة القطب الصوفي سيدي المختار الكنتي

- الشاعرة مريم الشقروية الشنقيطية.

ومن جميل الصدف أن تكون هذه الكواكب الثلاث ولدت على أرض ما كان يعرف تاريخيا ببلاد شنقيط التي قامت الدولة الموريتانية الحالية على معظم أجزائها.

وإليكم نص ما كتبه المؤرخ عبد الله كنون:

« وأول من نذكر من السيدات المبرزات في ميدان المعارف الإسلامية السيدة خناثة بنت بكار زوج السلطان مولاي إسمعيل وأم ولده السلطان مولاي عبد الله، كانت فقيهة عالمة، بارعة أديبة، خيّرة ديّنة، لها كتابة على الإصابة في معرفة الصحابة، لابن حجر، وكان لها كلام ورأي وتدبير مع السلطان ومشاورة في بعض أمور الرعية فإنها كانت له وزيرة صدق وبطانة خير كما قال الوزير الإسحاقي في رحلته. وكانت قد توجهت إلى الحج في أيام ولدها مولاي عبد الله، وصحبها حفيدها سيدي محمد بن عبدالله وحاشية كبيرة من جملتها الوزير المذكور الذي كتب رحلته بهذه المناسبة، فقوبلت بحفاوة عظيمة من أهل الحرمين الشريفين وفرقت هناك على المحتاجين وذوي البيوتات ما يزيد على مائة ألف دينار وأكرمها العلماء ومدحها الشعراء. ومن جملة ما مدحت به قصيدة للشيخ محمد بن علي بن فضل الحسيني الطبري إمام المقام الإبراهيمي استهلها بقوله.

غنّي على عود السعود هزاري. . . وشدا على الأوتار بالأوطار

ويقول في أثنائها:

فاحت بها أرجاء مكة رغبة. . . ومحبة من سائر الأخيار

وهي الحقيقة بالجلالة في الورى. . . فجلالة الأضياف ليس بعار

توفيت رحمها الله بفاس سنة ١١٥٩.

ثم نذكر السيدة زوج الشيخ سيدي المختار الكنتي التي كانت أيضاً من العالمات الفاضلات، وقد ختمت المختصر الحنبلي الذي كانت تدرّسه للنساء في اليوم الذي ختمه زوجها بجهة أخرى حيث كان مجلسه للرجال، وألّف ولدهما أبو عبدالله محمد في ترجمتها كتابه الطريفة والتالدة في مناقب الشيخ الوالد والشيخة الوالدة.

ونبغت في نظم الشعر السيدة مريم الشقراوية الشنجيطية، واشتهرت به وكانت تمدح أكابر العلماء ويمدحونها حتى بكتها أحد الشيوخ فأمسكت.»

====

*رسم تخيلي للأميرة لاله خناثه بنت بكار المغفري