بى بى سى
عثر علماء في السويد داخل مقابر تعود إلى عصر الفايكنغ على ملابس جنائزية مطرزة بنص يحتوي على حروف عربية أثارت تساؤلات جديدة بشأن تأثير الإسلام في الدول الاسكندنافية قديما.
والفايكنغ هم الشعب البحري المحارب الذي روع ممالك شمال أوروبا بغزواته على مدى أكثر من أربعة عقود.
واحتوى النسيج المكتشف والمصنوع من خيوط الحرير والفضة على تطريز عربي لكلمتي “الله” و “علي”.
واستبعد العلماء في دراسة أولى للكشف، الذي عثر عليه في مقابر تعود إلى القرنين التاسع والعاشر الميلادي، فكرة أن تكون الملابس الجنائزية المكتشفة مثالا للتصاميم الخاصة بعصر الفايكنغ، ومن ثم حُفظ الكشف لمدة تجاوزت مئة عام.
غير أن الدراسات الحديثة لتلك الملابس أبرزت رؤى جديدة تشير إلى وجود صلة بين الفايكنغ والمسلمين.
وتوصلت أنيكا لاريسون، الباحثة في علم النسيج الأثري في جامعة أبسالا، إلى نتائجها بناء على إعادة فحص بقايا ملابس جنائزية لرجل وامرأة عثر عليها خلال أعمال حفائر بمقابر في منطقة بيركا وغاملا أبسالا في السويد خلال أواخر القرن التاسع عشر ومنتصف القرن العشرين.
وتقول لاريسون إن التصاميم الهندسية الصغيرة التي لا يتجاوز ارتفاعها 1.5 سنتيمتر للنص لا تشبه أي شئ عثرت عليه من قبل في منطقة الدول الاسكندنافية.
وأضافت “لم أستطع تحديد المعنى عندما رأيتها، ثم تذكرت أنني شاهدت تصاميم مشابهة في نسيج عثر عليه في إسبانيا والمغرب”.
حل اللغز
وأدركت لاريسون أنها ليست بصدد تصميم يعود لعصر الفايكنغ على الإطلاق، بل أمام نص قديم مكتوب بالخط الكوفي العربي.
واحتوى النص على كلمتين، عرفت لاريسون واحدة منهما بفضل استعانتها بزميل إيراني وهي كلمة “علي”، رابع الخلفاء الراشدين، في حين استعصت قراءة الكلمة الأخرى المجاورة للاسم.
وعمدت لاريسون، رغبة منها في حل اللغز، إلى تكبير الحروف وفحصها من كل الزوايا.
وقالت :”فجأة شاهدت كلمة الله مكتوبة بطريقة انعكاسية”.
وأثار الكشف الجديد تساؤلات بشأن أصحاب المقبرة، وأشارت إلى انها “لا تستبعد فرضية أن يكون بعض المدفونين في المقابر من المسلمين”.
وقالت “نعرف من خلال حفائر مقابر أخرى للفايكنغ أن تحليل الحمض النووي أظهر أن بعض المدفونين في تلك المقابر لهم أصول تعود إلى بلاد فارس ذات الأغلبية المسلمة”.
وأضافت :”بيد أن هذه النتائج تظهر على أرجح التقديرات أن الملابس الجنائزية في عصر الفايكنغ تأثرت أيضا بأفكار ذات طبيعة إسلامية مثل الخلود في الجنة بعد الموت”.
ويعكف فريق لاريسون حاليا على العمل مع قسم المناعة والوراثة والأمراض التابع لجامعة أبسالا بغية تحديد الأصول الجغرافية للرفات التي دثرتها هذه الملابس الجنائزية.
نصوص عربية
أثبت التاريخ وجود صلة بين الفايكنغ والمسلمين فضلا عن اكتشاف عملات إسلامية في شتى أرجاء نصف الكرة الشمالي.
واكتشف باحثون قبل عامين خاتما من الفضة عثر عليه في مقبرة امرأة في منطقة بيركا يحتوي على فص منقوش عليه لفظ “الله”
وكان النص مكتوبا هو الآخر بالخط الكوفي المستخدم في النصوص العربية القرآنية.
لكن الأكثر إثارة في اكتشاف لاريسون هو العثور للمرة الأولى على مواد تاريحية في منطقة الدول الاسكندنافية تشير إلى اسم “علي”.
وقالت لاريسون :”أعرف أن علي شخصية تحظى بمكانة رفيعة لدى الشيعة، ويبرز التساؤل بشأن الصلة المحتملة”.
وقال أمير دي مارتينو مدير برنامج الدراسات الإسلامية بالكلية الإسلامية في لندن :”عدم وجود عبارة (ولي الله) التي تصاحب الاسم -علي- قد لا تشير إلى انحدارها من ثقافة شيعية وربما نُسخت بالخطأ من شئ آخر”.
وقال :”يظهر التصميم وجود تكافؤ (نصي) بين اسم علي والله، لذا يوجد احتمال ضعيف بأن يكون النص مرتبط بحركات صوفية قديمة جدا كانت تؤمن بذلك”.
وأضاف :”لكن الأكثر احتمالا هو نسخها بالخطأ”.
ويظهر لفظ الجلاله واسم علي في تصاميم محيرة داخل مقابر وكتب تخص طوائف صوفية شيعية مثل “البكتاشية” و”العلويون” حتى وقتنا هذا، لكنها تكون مصاحبة دائما لاسم “محمد”.
وتقول لاريسون :”ابحث حاليا عن نماذج مختلفة للفايكنغ، أنا مقتنعة بأني سأعثر على المزيد من الكتابات الإسلامية من خلال الآثار المكتشفة في هذه الحفائر، ومنسوجات الفايكنغ الأخرى”.
وأضافت :”من يدري؟ ربما نكتشف أشياء خارج نطاق المنسوجات أيضا”.