باتة بنت البراء
علاقة الشاعر بالمكان في شعرنا الحساني علاقة وجودية عميقة ذات تمظهرات شتى، تتجلى مرة في الوقوف على الديار، واستذكار أهلها، ولحظات الهناء التي قضاها الشاعر في ربوعها، والتغني بأيامها ولياليها.
وأحيانا أخرى تكون الوقفة على الطلل وقفة اعتبار ونعي للذات، ومن ثم استخلاص للحكمة وإقرار بالفناء؛ فكل طلل دارس امَّحَى تَمَّحِي معه أجزاء من ذات الإنسان، وأيام من عمره المحدود، وتكون الوقفة نعيا وندبا لحياة تراجعت وقاربت الزوال.
ولكن الطريف حقا هو عندما تنعدم أواصر المودة لدى المكان، فيرفض الإذعان والاستسلام لمواجد الشاعر، ويقصد قصدا إلى تجاهله ومضاعفة شجنه، مع أنه الزائر المَشُوقُ الذي تحمل السفر، وقطع المسافة، ليُحَيِّيَ المكان، ويتفقد قسماته.
يقول أحمدو سالم ول الداهي:
يَـا الْعَگْلْ إلَى تَـمْ الْگَـوَّادْ إگُـودَكْ، وِالصَّـوَّاگْ إصُــوگْ
إيلَ ژُوكْ، إِگِدْ أَفْطَنْ زَادْ إِگُـودَكْ وِاِصُـوگـكْ عَنْ زُوگْ
زُوگْ أَرَانَكْ مَا كِنْـتْ اتْجِيهْ جَيْتُو، وِالـدَّوْگجْ مَا لَكْ بِيهْ
لَـعْـدْ، ؤُجَيْتُو، وَألَّا هَـنـّيـهْ وِاصْبِرْ ذَ مَاهْ ابْشِي مَلْصُوگْ
إِيلَا تَـمَّـيْتْ انْتَ أَبَـدِيهْ مِنْ فِگْدَكْ لِاتْـرَابَكْ مَحْژُوگْ
ذَاكْ اشْغَـادِي لِلدَّوْگجْ فِيهْ أثْرُو، وِاشْغَادِي فِيهْ إِلْزُوگْ؟