العلم في الناس حفظه كثيرون، ولكن ورع شيخنا الحاج بين الناس هو الآن المنقول ، وهو في هذا الزمان هو المأثور والمنثور.
لم يكن ابن113 حولا، ليرحل إلى الفردوس الأعلى، - حيث أريت صبيحة رحيله مشهدا من الاحتفال في الملئ الأعلى
أعتز بذكره، وأفتخر برؤيته- ليمضي حتى يرفع الله ذكره
ويوطن مجده بين طلبة العلم الأمريكيين، والكنديين، والشناقطة والإفريقيين، والعرب والآسيويين، فهذا قطب
من نوادر المخلصين، ومن عظماء –بفتح اللام- المخلصين
ممن حج على قدميه، وجعل عمره، وعمله، وإنفاقه، ودعاءه موقوفين لخدمة الكتاب والسنة، ونصرة الأمة المحمدية ، بدءا من أهل الصفة، إلى كل عابد بلا بدعة، ومبلغ لرسالات الله بلا رياء أو سمعة، ومجاهد بلا تول عن الزحف وبلا شبهة.
رحل الحبر الصالح، وعالم السنة المتمكن إلى مقام صدق عند ملك مقتدر، بعد أن خلف رجال علم ينشرون علمه، ورجال إنفاق سلطهم الله على هلكة متاع الدنيا معرضين عن زخرفها، ورجال صلاح تضرب إليهم أكباد الإبل من مشارق الأرض ومغاربها.
فهل بين أظهر عالمكم الإسلامي، وعالمكم الإنساني...محظرة كمحظرة اتويمرات أو مسجد العريش بكلاكه، حيث يجثو جثوا المتفوفقون في علوم الهندسة، والطب، والكيمياء، والفلسفة والتاريخ ، وعلم الفضاء ، وعلوم اللسانيات، قادمين من مختلف الجنسيات، ومتحدثين بكل اللغات؟
جذبتهم قوة قاهرة،تخرجوا من أرقي الجامعات، ومن أعلى المناهج التعليمية العصرية، لكنهم تيمت قلوبهم، فقطعوا آلاف الأميال، وركبوا الحمير والجمال، وتنقلوا بأسرهم من العيش الرغيد إلى مأوى تتزاور عن كهفه الشمس اللاهبة، وتخشى أنواره الملوك ويرهب سطوعه عبدة الدينار والدرهم.
ما أعظمها من بركة هاجر إليها هؤلاء الملهمون، وجاذبية فكرية وتربوية وردها القرءان، وذكرها السنة ، وزادها الحطب والماء والقمر والتمر...آوى إلى ظلالها الوارفة هؤلاء الهاربون من: دخن الفتن، وظلم الغزاة، وتكبر الطغاة، واعوجاج الغلاة، و انكشاف البغاة ، و ابلاس العراة الحفاة.
جاذبية أخوة إسلامية لارشوة تبيرها، ومحبة ربانية لا إكراه يتبرها.
الله أكبر، مضي بداه ولد البصيري نور المنابر في أعلى السهل، وصعد شيخنا عدود نورالعلم والحكمة من أم القرى، وأقسم أنه لقي الله راضيا عنه، وها هي الأمة المسلمة اليوم تفقد بجبال كلاكة حيث –رباط من رتل وتبتل- إمام الأولياء، وأفضل الصلحاء.،وفي هذه الوفيات رسائل لا تخطئ، وإشارات ربانية لا تكذب..
يقول لكم بداه أخرجت لكم مئذنة المسجد، لبنا خالصا من بين فرث الكادحين ،وخبث المستعمرين، فالله الله فى مآذنكم عمروها بالسنة في زمن فساد الأمة.
ويقول لكم شيخنا القطب محمد سالم ولد عدود، أخرجت لكم لغة الضاد ، والتشريع الإسلامي، ومدرسة وصحافة البلد، يدا بيضاء سالمة من أعجمية الأعجميين ، ومن حنق البرابرة و فويسقة الافرانكفونيين، وعلمانية المتغربين والمستعربين، فالله الله لا يغلبنكم ابن سلول، ولا يخيفنكم تحالف مسيلمة وسجاح، ولا يراعنكم كيد الحجاج، وخيانات ابن ملجم ونكوص أبا رغال....
وهو هو أسد الفرات، واتويمرات، وواشنطن، ولندن، ومكة والخليج، وإفريقيا ، وبلاد القوقاز، وجبال الهملايا، وجزر أندنوسيا .. يخرج لكم أنوار محاظر شنقيط من المحلية إلى العالمية، ومن العريش إلى ناطحات السحاب..
يخرجها من الإقصاء و التهميش، إلى فضاءات العولمة وتيارات الرقمنة، فالله الله في بئر زمزمكم، وكهف هدايتكم، وغار حرائكم، ومسجدي قصوائكم وقبائكم، وقبلتي أقصاكم، وبكتكم، هذه مكة إن بكت كلاكتها، بكت أعناقكم ، ومن قبل حمتكم هذه "المحاظرالكلاكية"، دروب الحاجين الى الفردوس الأعلى، من غزوات وقنابل الغزاة، وفتن البغاة، وسجون الطغاة، وسوءات لكيعات و أملازة المكس والإقتار....وما عسعس عليه الليل، وتنفس عليه الصبح من أبناء سقر ممن كانوا يكذبون الدين، ولا يحضون على طعام المسكين، ويخوضون مع الخائضين.
عجبا لكم، أيها الشناقطة –أبناء زمانكم-، تموء قططكم إذا خسرتم صفقة أو بعيرا، ولا تتنبهون إذا ذهب تاج عزتكم، وضاع فخر مجدكم، وتكالبت عليه إمعاتكم وأراذلكم؟
كم خسرتم وأنتم تخوضون، وكم ربح الشهداء الصاعدون وهم يزفون؟
رحم الله أعلام الفردوس الأعلى، ورزقنا منازلهم بفضله، ومجده، ومغفرته، ورحمته.
وانأ لله وانأ إليه راجعون.
محمد الشيخ سيدي محمد