يعتقد الفلاسفة و المتفلسفون معهم أن الفلسفة هي طرح السؤال الكبير و العميق و ذلك السؤال نفسه يطرح أسئلة جانبية عن أصله و واقعه و توجهاته و مصداقية طرحه و روافده و إشكالياته و كل تلك الأسئلة الجانبية تحمل معها متعلقاتها من الأسئلة الكبيرة و الصغيرة.
و بذلك يكون السؤال الكبير و العظيم أو السؤال الأصل و المفتاح أو نقطة البداية بدايةً لما يُشبه المتاهة التي تتفرع كل مرة فروعا صغيرةً و أخرى أكبر منها و هذه الفروع متفرعةٌ إلى فروع و روافد و منها المارون داخل المتاهة السؤالِ، الباحثون عن إجابة أو إجابات أو ما يُشبهها أو مجرد تقريب أو توجيه يُمكِّن من مواصلة السير في المتاهة دون الخوف من الضياع النهائي أو خسارة وقت أكبر.
كثيرون سيختارون رافدهم عشوائيا و بدون تدقيق و لا تمحيص و قد يتمكنون من العودة إلى أصل الرافد إن وافقهم حظهم و جانبٌ من الإدراك و لو كان أقل مما تستحقه المتاهة.
جموع أخرى ستختار الأكبر و الأوسع من الروافد فخيار الكم و الحجم حاضر ٌ في اللاشعور و الوِجدان و قادتهم يدركون بكمية من الظن أنه الطريق الأسلم و الأكثر أمانا.
مجوعة أخرى ترى أن استمرارها في طريق منساب أكثر مصداقية فالتعرج خداع واضح و هو دليل على الضياع و هو نفسه لا يُحفِّز سالكيه .
و المترددون يظنون استقامة الطريق أهم ميزاته الواقعية و تُضفي عليه مصداقية كبرى و هو الأهم و الأقرب و التعقيد دائما يكون رفيق الصعوبة و ربما ضياع العمر في غير مهم.
الجبناء و الحكماء يُضيعون أوقاتا أكثر في التردد و التوقف و ربما بعض خطوات التراجع و لكن الفرق بينهما أن الفئة الأولى دافعها الخوف و هو يشُل فهمَ الظروف في بعض الأحيان و الفئة الثانية دافعها خوف آخر و هو الخوف من الفشل لذلك تُحاول زيادة أسباب السلامة و اتخاذ الطريق الأصوب و لو بموجات ظنية..
و هناك عند الباب فئة الأخذ التي تتمنى أن يجد كلُّ رافد نصيبَه من المارين علَّها بضياع الغالبية و وصول القلة تعرف الطريق السليم و تُكرم غير العائدين و لو بتماثيل تُخلِّد للآتين ما قام به هؤلاء الأبطال لأجل العلم و السلام و الحقيقة !!
هذه الفئة تَذْكر المناضلين السابقين -الذين خاطروا بالدخول و التّجربة -دائما في المواسم و تضع الزهور عند نصبهم التذكاري في مواسم الأفراح ، حين تجتمع لطرح سؤال كبير و جديد لحث آخرين على سلوك مسارٍ مشابه.