حَدْ اكبر مِنِّي لا يكْرَ ذَ ،.. وحَدْ اسْغرْ منِّي ذَ مَاهُ فيه.
.......
في مساء اليوم الثاني من "ميلاد" الأسرة الكريمة.. وأنا أُمتِّع النفس بفرح طازج، لدخول عالم الكبار المحترمين، أحاطت بي شِلَّة من الصّديقات والقريبات من الدّرجة الأولى، يعرفن مداخل الضّحك، ومن أخلص تلامذة "ابليس" في أوقاته التي يكون فيها "صافِ دِخْليهْ امْعَ الشَّر"،.. أَلْقَيْن عليَّ أوامر تلقينيّة بتنفيذ مُخطَّطٍ أزلي، وإن كانت نخرته خطى الزمن وأصبح عبثيا بحكم اتساع المدينة .. وهو طقس "التِّرواغ" المُشاع، .. رفضتُ، فلا أصلحُ لأكون رافدا جيدا من روافد فلكلورنا الشَّعبي، ولا أصلح لتمثيل دور في القائم أصلاً من عاداتٍ، ولا في الذي اختُلق حديثا.. ، استعانت الشِّلة بالكهلات - الراعي الرسمي للنكد - لعلِّي أُذعن،.. استحلفتني عمَّتي الغاليّة، أن أرضخ لهُنَّ، حتى لا أمُرِّغ "سمعتي" بمذمَّة "السَّلَبْ"،.. فذلك ضرب مَعرَّة، .. وكل مفقود مرغوب،.. سأسْتأصل شأفة الحياء إن لم أفعل!.
ما ان توارت الشَّمس بالحجاب، حتى شقَقْن بي المدينة من غربها الى شرقها، باتجاه منطقة شبه مهجورة في "تن سويلم"... اودعْنَني لسيدة ،.."إمْرَه أخيرْ من النَّاس" ، كريمة الخلق، والدة لأسرة تعيش في وهدة الفاقة،.. وتربطها صداقة بإحدى قريباتي،.. ثم عُدن ادراجهن الى المدينة، يفاوضن "القوم" حول عملية اخفائي وإجراءات دفع الفدية..
لاحظتُ أن صاحبة البيت غير مرتاحة ومرتبكة،.. انتقلت عني الى غرفة جانبية ليعود طفلها بعد لحظات ويرمي بعلبة من حليب "روز" قربي ويجرى.. دقائق بعد ذلك حضرتْ سيدة من خارج البيت، مسرعة يتبعها رجل،.. ضجَّة واختلاط أصوات في الغرفة الموالية والأطفال يتقافزون.. كان وضعي المُحْرج يُقيِّدني ويمنعني من استبيان ما يجري.. ما لبثتُ أن اكتشفتُ أن سيدة البيت مُصابة بنزيف حاد وشروع في الإجهاض، .. زوجها متغيب على ما يبدو، وقد استنجدت بجيرانها لأخذها للمستشفى،..
وجدتني وحيدة مع ثلاثة أطفال ذكور، أكبرهم في حدود 12 سنة، و من ضمن ما أوصتهم به والدتهم أن يسدُّوا عليَّ الباب (شباك حديدي)، وأن يُعِدُّوا العشاء لهم وللضيفة!،.. ،
مباشرة بعد مغادرتها دخل الأطفال في عراك بهيمي، تقدمتُ نحوهم أحاول بسْط السِّلم، .. دُهشوا من شكلي غير المعتاد،.. سألني الصغير عن ماهية الرَّبوة - العِبرة التي أحمل على رأسي،.. بينما كان أكبرهم الماكر الفاهم يغالب الضَّحك،.. لا حظتُ تلطخ البلاط ببقع من الدَّم خلَّفها نزيف والدتهم ،.. فوضتُ أمري إلى الله ، " اتْحَّزمتْ" وعمدتُ الى التَّنظيف والتَّجفيف حتى لا يُصدم الصغار!، .. تلفَّتَ إليَّ أكبرهم وقال بسَمْتٍ صارم، ووقاحة ناضجة: أنت وديعتي، وعليك أن لا تفكري في الهرب أثناء اعدادي للشَّعريَّة!.. مصيري بيَد طفل أساء فهم التعليمات!،.. ابتسمتُ، أوامرك سيدي السَّجان .. سأنتظر فرجاً من الله.. ومكرًا سيئا يحيق بالشّلة التي ذهبت تتربَّح على حساب حريتي..
التقطتُ "زِيفْ لمَّاعينْ" وعصبتُ به الزُّخرف التّراثي الذي يشعّ فوق رأسي، .. ثم تولَّيْتُ عن سجَّاني الصَّغير اعداد العشاء، أغسل وأنظف في المطبخ، و أربِّتُ وأتعطَّفُ على الصَّغير الذي لا تنفذ ذخيرته من الصِّياح، كان يتمرَّن طوال ساعات إقامتي في "المنفى" على "تِرجاعْ الرَّدَّاتْ" في نوع من بكاء "لخْساره" المُسمِّم للمزاج.. لم أتخيَّل في أسوأ كوابيس الفتاة التي كنتُها، أنَّ تفاصيل اليوم الثاني لذاك الشِّي سيكون بطرق باب غريب غير مألوف..
......
ذَلِّ أعطيتْ نكتبْ ذي التدوينة أرَانِ اعْطيتو ناتْرَه اعلَ زِرْ وجهي، أيَّاكْ...