إعلان

أصوات للأديب بل بن ديد رحمه الله

أربعاء, 06/04/2025 - 04:06

 

تواصلت عبر الهاتف ذات مساء صيفي من سنة 2014 مع هديل بني أعمر إديقب فتى الفتيان بَلِّ بن أحمد سالم بن ديد، باحثا عن نصوص في"أدب مجالس الشعار"، فأمدني بالعديد من النصوص لبعض شعراء الحي، واعكب اكبل ينسبل امعاي وأتحفني بعدة أصوات من شعره الرائق. 

صوت غنت به الفنانة تكيبر بنت الميداح 

تمتاز تقاريظ الشعراء للفنانات بذكر الجمال وافتتان الشاعر به، والتنويه بحسن الصوت، والمهارة في تحريك أوتار العود، كما تختتم تلك التقاريظ غالبا بدعاء الشاعر للقينة بالنصر والتميز على منافساتها، وربما رثيت بعضهن.

ومن مظاهر إبداع الأديب بل أنه لم يسر على ذلك اللاحب ولم يلك تلك المعاني التي عالجها الشعراء قبله،  بل اختط لنفسه أسلوبا تقريظيا متميزا. فمن يتأمل تقريظه للفنانة المتألقة العاتنة تكيبر منت الميداح يلاحظ أن الأديب بل وظف أسلوب الكتابة للصورة قبل صحافة الجزيرة وأخواتها، فقد استلهم فكرة الصوت من لقطة موسيقية عرضها التلفزيون الموريتاني  للفنانة تكيبر.  

اصطاد بل ذلك المعنى العميق ودارو فآمبلاج أنيق، وتعمد في ختام الصوت مفاجأة المتلقي، أو  تخييب ظنه على حد تعبير نقاد مدرسة كونستانس الألمانية. 

على شاشة التلفاز مرت تكيبر
يا شاعر اشعر إذا كنت تشعر
تراءت و مرت لحظة ثم غادرت
كما مر طيف مدلج متنكر
وقد تركت من شاهد البث صامتا
يفكر في ما قوله يتعذر

صوت غنت به الفنانة لبابة بنت بن الميداح

يلاحظ المتأمل لصوت بل الثاني الذي كتبه مطلع عقد التسعينات أنه بناه على فكرة "روح الفريق"، التي يدعو لها اليوم خبراء التنمية البشرية، وذلك من خلال حديثه عن التكامل بين ألحان الفنان عماد الدين الدبش  وأنغام الفنانة لباب أعادهم الله سالمين غانمين..  

لبابُ عمادُ قد عادوا فجادوا
 غناء في القلوب له اعتماد
يلحن ما تغنيه لباب
فتشدو ما يلحنه عماد

صوت غنت به الفنانة كمبان بنت إعل وركان

يكتب الأديب بل كلماته بأذن موسيقية وعين طربية، وهو ما تجسد في اختياره لبحر وروي صوته الذي قرظ به الفنانة المتألقة كمبان بنت إعل وركان، فالبسيط بحر يتيح للشاعر مساحة للوصف كما يناسب التمدد اللحني في الغناء خاصة عند الفنانة كمبان التي تطيل النفس في أدائها وتراوح بين طبقات الصوت. إضافة إلى أنه مناسب لمقام ازراك.

أما اختياره لروي النون
فقد كان موفقا من الناحية السمعية فقد أضفى على القافية طابعا شجيا. 
وقد ختم الأبيات بإحالة طريفة أعرضنا عن شرحها خوف التطويل 

واها لكمبان قد غنت لنا الآنا
ما هاج للقلب تبريحا و أشجانا
صوت أجش قد أطرانا و أطربنا
و أرسل الدمع تسكابا وتهتانا
صارت به القوم صرعى لا حراك بهم
كأنما قد سقوا من خمر "هافانا" 

صوت غنت به السيدة دينَ بنت الميداح

قرظ المبدع بل بن ديد الفنانة دين قبل اعتزالها ببيت يتيم، ويكتفي شعراء العرب عادة بالبيت الواحد إذا اكتمل معناه ومبناه، فقال:   

ردي عليك خمار الطرف يا دينا
إنَّ المحبين لا عقلا و لا دينا

وقد حدثني الأديب بل أن عميد الشعر والنثر في موريتانيا الشاعر أحمدو بن عبد القادر حفظه الله وأطال في عمره، سمع البيت وأعجب به أيما إعجاب وأنه جاراه ببيت في نفس البحر والروي وهو من الأدب الضائع الذي أبحث عنه فمن وجده فليتحفني به مشكورا مأجورا.

طابت ليلتكم

يعقوب بن اليدالي