إعلان

هل أقلع "قدماء تونس" عن القهوة

أربعاء, 07/19/2023 - 05:04
عبد الله امون 2023

عبد الله محمدن امون

 

خصصت مساء الأحد الماضي للبحث عن زملاء دراسة ورفقاء درب جمعتني واياهم مقاعد الدراسة وسنون الغربة في تونس الخضراء، وفرقتنا صروف الدهر وطرائق البحث عن العيش الكريم

كانت المقاهي مظنة الطلب ووجهة البحث الأولى، إذ أن صباحات تونس الباردة روضت لقادمين من بلاد الرمل والقتاد على إدمان فنجان القهوة مع اختلاف تركيزها حسب تحمل "الأدخن" ومستوى تأثره بنمط العيش التونسي، فهناك من يشربها سوداء Café Express كفحم البشام، ومن يشربها بنية برغوة Cappuccino، وهناك من يقتصر على تعكير صفو بياض الحليب فيأخذها café au lait أو Latte أو Directe بالمصلحة التونسي، وهي التي جسدها الطالب الموريتاني المستجد أيامها حين خاطب النادل بعربية فصحى قائلا (أريد فنجانا به القليل من القهوة والكثيييييييير من الحليب) ويعلم معاصروا القصة رد النادل التونسي أو على الأقل يتوقعونه.

على كل حال بدأت لحلة بحثي من القهوة التونسية القديمة قبالة عمارة المامي ومنها شمالا تتبعت الشوارع والأزقة أقلب طرفي في وجوه الجالسين. عددت أكثر من عشر مقاهي متربعة على الأرصفة، شباب وكهول تعرف في وجوه بعضهم نضرة النعيم وبعضهم حفرت قساوة الأيام ميسمها على سحنته فأكسبته لون القهوة ذاتها.

ترى هل مسحت الأيام من ذاكرة جيل التسعينات في تونس حب السمراء وشغف "التبناك" وأعادتهم إلى الأخضرين، أم أن تعاقب الجديدين غير من ملامحهم لدرجة تحول دون التعرف عليهم.

قلت لعل خيوط الدخان المنبعث من نراجيل البعض تحول دون وضوح الرؤية فأرجعت البصر كرتين فانقلب إلي خاسئا على تفسير ابن عباس، فعرفت أن شيئا ما تغير في طباع رفاق الأيام الخوالى.

لم أستغرب فعشرون حجة أو تزيد قد تتغير فيها الصفائح التكتونية أحرى عادات البشر. أنا أعلم أن من بين جيلنا من توزر ومن "تمودر" وهؤلاء فرضت عليهم اكراهات التحفظ الوظيفي في مجتمع الشكليات عدم الظهور علنا أمام العيون المجردة، لكنني أعلم أن غالبية جيلنا هم من عباد الله العاديين الذين تسمح لهم ظروف الحياة باختلاس لحظات مقتطعة من زمن الكد اليومي يتذكرون فيها طرائف الأيام الخالية ليتمكنوا من مواكبة قطار الالتزامات اليومية.

بعد أن يئست من العثور على وجه مألوف أرسلت السلام عبر إحدى مجموعات الواتساب الخاصة بالجيل، وكم كانت فرحتي عارمة حينما بدأت رسائل بعضهم ترد الي على الخاص لأعرف أن غالبيتهم من - فضل الله - ما زالت على ظهر الأرض، وإن كان لكل منهم في أيامنا هذه شأن يغنيه