إعلان

الصداقةُ..  بين الصُّنعِ  و  الظروف / إبراهيم الأندلسي

سبت, 12/01/2018 - 21:56

يقول الكاتب و الطبيب أوليفر وندل هولمز :

" الأصدقاء الذين تختارهم لَكَ الظروفُ أجمل بألف مرة من أن تختارهم أنت"

المدخل إلى مقولة الكاتب الطبيب و الفيلسوف غير المُصنَّف يبدأ بمفهوم الصداقة فهي كلمة مُشذبة الأطراف ، كثيرة القبول، و لكن ليس كل جذاب يكون آمنا دائما ، فالطُّعْمُ  يكون من المُحببات إلى الفريسة بل يكون على طبق مفتوح و بدون جهد في أغلب أحواله و أشكاله .

فهل الصداقة هي المجانسة و المشاكلة؟
أم أنها تشترِط التفاهم ؟
أم أن الصداقة مفتوحة حتى على المحيط الحيِّ؟
و هل تفتح الصداقة ذراعيها لتشمل المحيط المادي بكل تجلياته؟
و من يدري قد تشمل الصداقة اليوم الأفكار عبر الوسائط؟
و قد تتجاوز ذلك صعودا عبر الزمن المدَوَّن و المُوثق؟

و الصداقة تحمل كل تلك المفاهيم أو غالبيتها على حد أكثر دقة.
فما هي الظروف ؟
الظروف أكثر قتامة من الصداقة فهي تجمع النقائض في الوقت ذاته ، و إذا كان لنا دور في تحديد الصداقة و توجيهها قبولا أو رفضا أو إهمالا، فليس لنا ذلك الدورُ  مع الظروف فهي الفاعل الحقيقي و نحن في وضع المفعول المُستسلِم الضعيف.
فما هي الظروف ؟
الظروف حياة واسعة صاخبة منها السياسي و الاجتماعي و الثقافي و الديني و الصحي و المناخي ...
و كأنها بذلك حياة داخل الحياة، أو جانب الحياة المُلاصق المُصاحب لنا في جميع فترات الإقامة على سطح هذا الكوكب العجيب!
و يمكن أن نعبِّر عنها بالمجموعة المُكلَّفة بالضيافة و المُراقبة في مدة الإقامة و المُحددة  بالعُمر.
اختيار الظروف و اختيارنا لا ينبعان من مصدر واحد ، و ليس لهما نفس الرؤية و لا كم المعارف المُساعِد على الفهم المُؤدِي إلى حسن توفيقنا  لتفضيل  الأفضل.
الظروف عامل خارجي يأخذ بعين الاعتبار كل العوامل المؤثرة و يُحدد الأضرار و الأخطار و المصالح، أما اختيارنا فقد يُصاب بالعمش لقلة التجربة و ضيق المعارف  و مفهوم الصواب نفسه.

و بالعودة إلى المقولة الأم للكاتب الطبيب أوليفر وندل هولمز، 
فماذا يعني بالأصدقاء؟
هذا العالم العجيب يوفر أنواعا من المناخ و الغطاء النباتي، و حتى الوسائل و الغذاء ، و تختلف من مكان إلى آخر و كذلك اللغة و موروث التجربة الصحي و الأمني و الغذائي و هذه مصادر كبيرة لا يمثل عُمْر المرء شيئا أمام كَمها الهائل، فهل يقصد هذا الجانب الحقيقي أم يقصد الصداقة في مفهومهاالإنساني البحت؟
الصداقة في المفهوم الإنساني أنواع، منها الطفولي و الاجتماعي و المجاورة و مشاركة المعارف بالتعليم
و أخرى انتقائية مختارة فأيها المقصود ؟
تبقَى مقولة الكاتب الطبيب محلَّ نقاش مفتوح، تجد من يتبناها و يُدافع عنها و يضعها في مجموعة الحقائق المُطلقة ، و مَن يجعلها في الوسط بين هذا و ذاك، و مَن يرفضها بتاتا ، و كلهم ينطلق من تعميم تجربته الذاتية و رؤيته و مفهومه، لكنها في الجانب المادي تحمل كما هائلا من الحقيقة، و التي قد تكون موضع شكِّ في قابل الأيام .