"الديوان الإسبرطي" أول رواية جزائرية عن الاحتلال تفوز بـ"بوكر العربية"

أربعاء, 04/15/2020 - 18:14
عبد الوهاب عيساوي

 

أبوظبي: «الشرق الأوسط»

 

أعلنت لجنة تحكيم الجائزة العالمية للرواية العربية، يوم أمس، عن فوز رواية «الديوان الإسبرطي»، للكاتب الجزائري عبد الوهاب عيساوي، بالدورة الثالثة عشرة من الجائزة العالمية للرواية العربية 2020. وذلك بعد منافسة واسعة، حيث اختيرت الرواية من قبل لجنة التحكيم بصفتها أفضل عمل روائي نُشر بين يوليو (تموز) 2018 ويونيو (حزيران) 2019. وجرى اختيارها من بين 6 روايات في القائمة القصيرة لكتّاب من الجزائر وسوريا والعراق ولبنان ومصر، وهم: سعيد خطيبي، وخليل الرز، وجبور الدويهي، وعالية ممدوح، ويوسف زيدان. وحصل الكاتب الجزائري المتوج على جائزة نقدية تبلغ قيمتها 50 ألف دولار، بالإضافة إلى ترجمة روايته إلى اللغة الإنجليزية.
وقال محسن الموسوي، رئيس لجنة التحكيم: «تتميز رواية الديوان الإسبرطي بجودة أسلوبية عالية، وتعددية صوتية تتيح للقارئ أن يتمعن في تاريخ احتلال الجزائر روائياً، ومن خلاله تاريخ صراعات منطقة المتوسط كاملة، كل ذلك برؤى متقاطعة ومصالح متباينة تجسدها الشخصيات الروائية. إن الرواية دعوة للقارئ إلى فهم ملابسات الاحتلال، وكيف تتشكل المقاومة بأشكال مختلفة متنامية لمواجهته. هذه الرواية بنظامها السردي التاريخي العميق لا تسكن الماضي، بل تجعل القارئ يطل على الراهن القائم ويسائله».
ومن جهته، قال ياسر سليمان، رئيس مجلس أمناء الجائزة العالمية للرواية العربية: «تسحرك رواية (الديوان الإسبرطي) باستنهاضها للتاريخ بأبعاده السياسية والاجتماعية، لخدمة العمل الروائي الذي يتجاوز هذا التاريخ برمزيته، وبتداخل رؤى القص وأصواتها من وجهات نظر متقاطعة تدعو إلى التأمل والتفكر والمراجعة، وتتابع شخوصها الخمسة بمساراتها المتضاربة، وتسير في شوارع الجزائر المحروسة ومرسيليا وباريس وكأنك تعاينها بنفسك في زمن مضى ولم تنقطع مآلاته».
وأضاف: «تحتك بالتركي والأوروبي والعربي وغيرهم من الأقوام متعاطفاً وساخطاً في آن واحد. كل ذلك في انسياب روائي أخاذ، لا يدعك تترك الرواية حتى تصل إلى نهايتها بشغف يطلب المزيد. لقد أبدع عبد الوهاب عيساوي في هذا كله، ويكفي القارئ أنه التقى السلاوي ودوجة في ثنايا الديوان، ولهث في أثرهما في ثنايا تاريخ ينبض بالمعاني».

وترصد رواية «الديوان الإسبرطي» حيوات خمس شخصيات تتشابك في فضاء زمني ما بين عام 1815 و1833، في مدينة المحروسة، الجزائر. أولها الصحافي ديبون الذي جاء في ركاب الحملة على الجزائر مراسلاً صحافياً، وكافيار الذي كان جندياً في جيش نابليون ليجد نفسه أسيراً في الجزائر، ثم مخططاً للحملة. وثلاث شخصيات جزائرية تتباين مواقفها من الوجود العثماني في الجزائر، وتختلف في طريقة التعامل مع الفرنسيين؛ يميل ابن ميار إلى السياسة بصفتها وسيلة لبناء العلاقات مع بني عثمان، وحتى الفرنسيين، بينما لحمّة السلّاوي وجهة نظر أخرى: الثورة هي الوسيلة الوحيدة للتغيير. أما الشخصية الخامسة فهي دوجة، المعلقة بين كل هؤلاء، تنظر إلى تحولات المحروسة ولكنها لا تستطيع إلا أن تكون جزءاً منها مرغمة، لأنه من يعيش في المحروسة ليس عليه إلا أن يسير وفق شروطها، أو عليه الرحيل.
وعبد الوهاب عيساوي روائي جزائري من مواليد 1985، بالجلفة (الجزائر)، تخرج في جامعة زيّان عاشور، ولاية الجلفة، مهندس دولة إلكتروميكانيك، وهو يعمل مهندس صيانة. وفازت روايته الأولى «سينما جاكوب» بالجائزة الأولى للرواية في مسابقة رئيس البلاد عام 2012، وفي عام 2015، وحصل على جائزة آسيا جبار للرواية التي تعد أكبر جائزة للرواية في الجزائر، عن رواية «سييرا دي مويرتي»، وأبطالها من الشيوعيين الإسبان الذين خسروا الحرب الأهلية، وسيقوا إلى معتقلات في شمال أفريقيا.
وفي عام 2016، شارك في «ندوة» الجائزة العالمية للرواية العربية (ورشة إبداع للكتاب الشباب الموهوبين). وفازت روايته «الدوائر والأبواب» بجائزة سعاد الصباح للرواية 2017. وفاز بجائزة كتارا للرواية غير المنشورة 2017، عن عمله «سفر أعمال المنسيين».
وبعد ترشيحه للقائمة القصيرة، قال عبد الوهاب عيساوي: «الرواية التاريخية بشكل عام لا تعيد بناء الحكاية من أجل الحكاية ذاتها، وإنما هدفها الأساسي هو البحث عن الأسئلة الراهنة التي نعيشها اليوم داخل فضاءاتها الأولى التي ظهرت فيها أولاً».
وجرى اختيار الرواية الفائزة من قبل لجنة تحكيم مكونة من خمسة أعضاء، برئاسة محسن جاسم الموسوي، الناقد العراقي أستاذ الدراسات العربية والمقارنة في جامعة كولومبيا (نيويورك)، وبعضوية كل من: بيار أبي صعب، الناقد الصحافي اللبناني مؤسس صحيفة «الأخبار» اللبنانية، وفيكتوريا زاريتوفسكايا، الأكاديمية الباحثة الروسية.
وتعد الجائزة العالمية للرواية العربية جائزة سنوية تختص بمجال الإبداع الروائي باللغة العربية، وترعى الجائزة «مؤسسة جائزة بوكر» في لندن، وتقوم دائرة الثقافة والسياحة أبوظبي بدعمها مالياً.