محمد فال بلال (*)
زرت اليابان في 23-28 يوليو 2005، وحضرت اليوم الوطني الموريتاني في المعرض العالمي المقام بمدينة طوكيو على رأس وفد هام يضم على الخصوص سعادة السفير محمد محمود ولد جعفر، سفيرنا لدى اليابان، و الأخ محمد الأمين ولد يحي، أمين عام وزارة التجارة..
كان البلد المضيف قرر - ضمن انفتاحه على "الآخر" وسعيا إلى مزيد المعرفة بعادات وأعراف وثقافات العالم - قرر توأمة كل دولة مشاركة مع إحدى القرى اليابانية.
وقرر أن تتم عملية التوأمة بواسطة بنت من بنات القرية تمنح افتراضيا جنسية الدولة المعنية وتنضم مباشرة إلى العاملين في الجناح الخاص بها. وفي يوم محدّد تقدّم للجمهور بزيّ وملابس "العروس" ممثلة عادات وأعراف وثقافة دولتها الافتراضية. وعند اختتام المعرض يعلن عن الدولة الفائزة بلقب "ملكة الجمال" في أول معرض عالمي يقام في القرن 21. وكان من قضاء الله أن اختاروا لنا بنتا اسمها "آسا" : قامتها قصيرة. ووجهها شاحب مستدير. وأنفها منفرج صغير. وعيناها صغيرتان، و و و.. لما رأيتها أول مرة قلت في نفسي: يا لطيف! ما ذنبنا نحن؟!
وكنت أشعر بحرج شديد كلما تجولت في أروقة الجناح الموريتاني الغني والجميل حقا، وتناشدني الأخوات: معالي الوزير، زائرينك تنجح "آسا" وتفوز بلقب ملكة الجمال". وأقول في نفسي: "مكساك يشِي"، أنا ما ننزار، وهي يفتح الله. ومع ذلك، كنت أستحضر ما تيسر من آيات النصر والقبول: "متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب" - "وزيناها للناظرين" - "وألقيت عليك محبّة مني" - "فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا" - "إن ينصركم الله فلا غالب لكم" - "وما النصر إلا من عند الله". وأكرر "بدوح" ، بدوح" . وأوصيت الأخوات في طاقم التجميل بالأخذ بالأسباب قدر المستطاع وفوق المستطاع. وفعلا، قام الفريق بعمل رائع: حنّاء حمراء ورسوم هندسية تسر الناظرين. وشعر مضفر ومصفف بشكل رائع. ورأس مزخرف بقطع الذهب والفضة". وملحفة نيلة سوداء، الخ.. رأيتها وقد تحولت إلى بنت موريتانية بفضل ما قامت به الفرق العاملة على التجميل: الحنّيات والظفرات وعاملات الخياطه...
عدت إلى نواكشوط قبل انتهاء المعرض وقبل الإعلان عن ملكة الجمال بشيء من الأمل والرجاء ،، كان ذلك هو آخر نشاط رسمي أقوم به كوزير للخارجية لأن انقلاب 3-8-2005 وقع 4 أيام بالضبط بعد عودتي من طوكيو.. ومع ذلك كانت فرحتي كبيرة جدا عندما أبلغت حوالي يوم 20-8-2005 بفوز "آسا" ووطنها الجديد "موريتانيا" بلقب "ملكة الجمال" في معرض طوكيو.
العبرة في هذا هي ما يختزنه هذا البلد وشعبه من أدوات وأسباب النجاح إذا ما وفقنا لاستغلالها وتوظيفها بجدية وذكاء.سألت عن معنى "آسا" بالعربية، فقيل لي: "آسا" تعني "الصباح الجميل".
(*)
وزير الخاريجة الأسبق
مسؤول مور يتاني رفيقع
كاتب ومثقف
