لقب الذيب اطلق علي ثلاثة شعراء بارزين من الحسنيين وهم من نفس الاسرة على تفاوت في التاريخ، اولهم من القرن الحادي عشر واوائل الثاني عشر الهجري، وهو محمذن ولد الامين ولد بو المختار، وتروي الحكاية المتواترة انه هو اول من قصد القصيد، و هو من امر ولد رازگه بإفشاء شعره لما عرضه عليه والذيب قد بلغ مابلغ وولد رازگه شاب، وقد مدح الذيب الكبير اولاد امبارك وهم لايزالون في منطقة القبله قبل هجرتهم إلى تگانت، وذكر خروجه من محصرهم في اعليب أولاد امبارك بمنطقة العاظيم بآوكار قرب ام ارگيش التي عربها الشاعر بهضب الحبارى، عندما يقول:
أبانت أم أبينت من جمال
وحاد بها الحداة إلى الضلال
جمال غادرت هضب الحبارى
قبيل الصبح مسلوب الجمال،
كما مدحهم بعد وصولهم إلى كامور:
إني وإن كان كامور به عرب
شم العرانين ذو مجد وذو خير
أرضى بذي النفع عن كامورهم بدلا
وحيه بدلا عن حي كامور .
وذو النفعين حقل في العقل لأسرة الشاعر كان معروفا بخصوبة الارض.
هذه الشخصية الادبية لقبت بهذا اللقب على أساس بيتين لصاحبه وهو لايزال صغيرا، في ستينيات القرن الحادي عشر حسب الروايات الموثوقة إذ قال:
أصبحت في شغف ادى لتعذيبي
لانوم عندي إلا نومة الذيب
أراقب الناس من خلفي ومن قبلي
ومن إزائي كالموقوف في 'هيب'.
(وهيب لعبة معروفة في البلد)، توفي على الارجح من الروايات سنة 1129ه عن عمر مديد قارب المائة وقد تعلم الشعر على عمه الحاج عبد الله ولد بوالمختار، صاحب فتوى شر ببه ضد الامام ناصر الدين، والحاج هذا ايضا خال بلعمش الجكني، العالم المعروف، وتوفي الحاج عبد الله سنة 1108هجرية تحديدا، على غير ماهو مذكور في بعض المواقع الألكترونية.
الذيب الثاني او الاوسط هو المختار ولد المحمود ولد محمذن ولد بوالمختار، وهو من القرن الثاني عشر ابن عم الاول إذ يجتمعان في بو المختار وسمي الذيب الكبير على جد الثاني (محمذن). وبو المختار هوجد الفخذ الحسني ابناء أبي المختار. و كانت للمختار ولد المحمود مشاعرات عديدة اشهرها مشاعرته مع بوفمين المجلسي، ويقال أيضا إن من شاعر بوفمين هو محمذن ولد عبد الله البن اعمري، لكن التاريخ والمعاصرة اوفق للمختار ولد المحمود. ويدعى المختار هذا شاعر الانبياء. ولذا قال عنه الذيب الصغير:
فشاعر الانبياء يعد جدي
وإني اليوم ثاني الشاعرين.
توفي المختار حسب الرواية في سنة 1198ه.
الذيب الصغير (الثالث) هو أحمد ولد عبد الله ولد المختار ولد المحمود ولد محمذن ولد بو المختار. وهو الذي شاعر ممو ولد عبد الحميد الجكني مشاعرة معروفة، وقد قال في شان هذا اللقب (الذيب) :
ياقوم لا تتركوا اعراضكم هملا
فالذيب يعرض للأعراض إن جاعا
نحن الذئاب أتانى المصطفى رخصا
انا لنا ما اختلسنا، والذي ضاعا.
عرف هذا الشاعر بقوة الشكيمة في الشعر وغنائيته المتدفقة، وهو صاحب العينية المعروفة التي يفخر فيها بقبيلته عندما يقول فيها:
لنا العربية الفصحى وإنا
أعم العالمين بها انتفاعا
فمرضٓعنا الصغير بها يناغي
ومرضعه تكورها قناعا.
عرف عن هذا الشاعر التقشف، والتعرض لكل من لم يحترمه، ولذا كان مرهوب الجانب. و مما يحكى عنه في هذا الصدد انه جاء إلى الامير أحمد ولد الديد يريد أن يهديه جملا، فارسله إلى جمال جيشه، فاختار جمل الامير فمنعه الرعاة من أخذه، فلماعاد إلى احمد ولد الديد واخبره الخبر أمر بإحضار الجمل وسلمه إياه، وذهب الذيب يقود الجمل حتي اتى إلى خيمة الامير، فأعطته زوجة الأمير رحله. فلما عاد احمد إلى بيته سأل زوجته: أين رحلي؟ فقالت له اعطيته للذيب. فقال لم تعطين رحلي الفريد؟ فقالت له: ولم تعطي انت جملك الفريد؟ فقال: خوف أن يقول لي: 'فدفدها'، وهي كلمة من أبيات للذيب في ذم رجل. فقالت له: وانا اعطيته رحلك خوف ان يقول لي: 'مصرفه' ، وهو لفظ من ابيات اخرى سابقة شاعت على السنة الناس في ذم امراة لنفس الشاعر.
توفي الذيب الصغير سنة 1343 ه.
لقد اختلط الامر كثيرا على مؤرخي الادب الموريتاني بشأن من حملوا هذا اللقب ولا يزال الغموض قائما ولذلك ادون هذه المعلومات المستقاة من مصادر عليمة حتى يأخذها مؤرخوه بعين الاعتبار مستقبلا، حيث لم يسلم من ذلك اي منهم، ولذا اقدم هذه المعلومات التي تقصيتها من الرواة والمشائخ المتثبتين الحفاظ لكل تفاصيل هذه العائلة التي كانت اول من نظم الشعر من الحسنيين، ومن بين الاسر الحسنية التي تسلسل فيها شعراء بارزون جدا.
أضعها بين يديكم أيها الدارسون الكرام حتى يزول الخلط والالتباس بشانها لدى الجميع.
الدكتور محمد ولد احظانا
26 رمضان 1440 ه