إعلان

أبو العشرينات أحمد بن يوسف الشقروي

ثلاثاء, 04/27/2021 - 07:13

بَرقٌ تَألَّق مِن أقطار آطار :: مَسْرَى الخيال ومَسرى الطارق الطاري
يَستَنُّ في عارِضٍ في الأُفْق مُعتَرِضٍ :: كالصبح مِن بين إسحارٍ وإسفار
بات الْهَدِيرُ وترجيعُ الْحَنينِ معاً :: فيهِ وهَيْنَمَةٌ بالليل مِن قاري 
وباتَ يَبْسمُ أو تبدو نواجِذُه :: طَوْراً ويبكي بدمعٍ بعضَ أطوار 
تَحدو الشَّمال به تُزْجِي سحَائِبَه :: تنحو به العُقْلَ من أقطار آطار 
كقَارب البَرِّ يسعى في أشعته :: ينساب كالأيْمِ مِن قارٍ إلى قَارِ 
حتى أطلَّ على الْحَمْرَاء هَيْدَبه :: قلتُ اسقِها واسق مَغنَى نَجْدِ أوبار 
إلى أقاصي رقاب العُقل مُعترِضاً :: ما دُون ذَلكَ مِن عُقْلٍ وآبار 
حتى تُغادر فيها -غيْرَ مُفسِدِها- :: غدرانَها بين أنْهاءٍ وأنْهارِ 
فتصبح الأرض مَجْلُوّاً مباسِمُها :: مَزهُوَّةً أيَّ إزهاءٍ بإزهار 
منازل الشقرويين الذين هُمُ :: أنأى البَرية مِن عارٍ ومن نار 
والْمُهْتدونَ وهادُوا مَن أرادَ هُدىً :: إلى سواء طريق السنة الوَارِي 
ما بين بَرٍّ تَقيٍّ دَيِّنٍ وَرِعٍ :: وبَحْرِ علم بِحُرِّ العِلم زَخّار 
إلى عُذوبة أخلاق إلى كرم :: إلى سخاء وإنفاق وإيثار 

في أقاصي رقاب العُقل حيث مضارب الشقرويين نشأ أحمد بن يوسف ، ذلك العشريني الذي ترك سيرة باذخة تحدّت فكرة الغياب ، فكان موته قبل ثلاثة قرون مجرد مجاز لغوي ، للعبور نحو الخلود.
 ذلك الشاعر المرهف الذي راهن على الكلمة المسافرة عبر العصور ، الكلمة الوردة التي تشق الصخر فتسيل منه جداولٌ وظلالُ ، الكلمة الموال المترنم في ليالي الصحراء المترامية مستمدا قوة سريانه من بهاء الجمال.
أبو العشرينات أحمد بن يوسف الشقروي المرقش المصقع والشاعر الفحل ، عِدّ القريحة ، ولد على الأرجح في حدود 1085هـ - 1674م
ويقال إنه لِدة سيدي عبدالله ولد رازگه (1060هـ - 1144 هـ / 1650 م – 1731 م)  أوقرينه - كما هو متواتر.
وهو أحمد بن يوسف بن أبْنا المختار (هكذا ينطق وأصله أبو المختار) بن الفاضل (الفالل) بن يدمهم بن يعقوب الجامع لأغلب الأسر الشقروية وهو (أي يعقوب) بن أحمد بن أبي بكر(أبوبك)بن مهنض أمغر بن مهنض آش بن علي يَمْعَيَيش (أي علي السالم) بن الحاج عبدالرحمن الشقروي الجد الأعلى للشقرويين، والذي من اسمه اشتق باللسان الصنهاجي اسم العشيرة (إداشقره).
 وعبد الرحمن هذا هو ابن علي بن محمد المعروف بالشريف أبي بزوله بن يحي القلقمي.
قال العلامة الشيخ أحمدو بن فتى ناقلا عن جده لأمه دغفل زمانه في التاريخ والأنساب الشيخ محمد عبد الله ولد أحمذي، قال:
وأخبرني الشيخ المفدى محمد :: أبو الفيض عبد الله لا يتلعثم 
بأن أبابزولَ ذا الثدي جدنا :: إلى الندب يحيى القلقميين سُلَّمُ 
أو ابن أخي يحيى وصح بأوجه :: لنا أول القولين فهْو المقدم

أما عن دراسته وشيوخه فمن المعروف أن الفاضل بن يدمهم جد أبيه هو أبو المحظرة الشقروية الفاضلية التي تفرعت عنها محظرة أَبْنَا المختار(أبي المختار) ومحظرة حفيده بُلا بن الفاضل بن أبي ميجه، ومحاضر أبناء عمومتهم: أتفغ المختار وسيدي عبدالل ومحنض والحارث بن محنض بن سيدي عبدالل بن أتفغ المختار فليس لنا أن نتصور أنه خرج من هذا الوسط طلبا للعلم، وهو من هو ذكاء وعبقرية وجودة حفظ، وذووه هم من هم علوما وفيوضات وفتوحات وتفرغا للتدريس فالظاهر المتبادر إلى الذهن أنه عب من علوم ومعارف أهل بيته مع من عبوا منها من تلامذة ومرتادي محظرتهم وما أكثرهم ويسوغ أن ندلل على هذا بقول ابن عمهم محمد ولد أبنو بن أحميدن:
ورثنا العلم عن آباء صدق :: فكلٌّ درَّ لجَّته حبانا 
فياصلَ إن تيممهم عويص :: عزيز أتعب الأذهان هانا
 ولم نأت القبائل طالبيه :: ومن علقت مهمته أتانا
 
يكنى أحمد بن يوسف بأبي العشرينات فمن المتواتر أنه عاش عشرين سنة ودرس عشرين نصا محظريا وحفر عشرين بئرا ، وجز عشرين لمة.
 ويضيف البعض: ونسخ عشرين مصحفا وقال عشرين قصيدة. 
وكان نابغة عجبا في دهره، فقد بلغ في علم الشرع درجة أنه تقلد القضاء في عشيرته ومنطقته رغم حداثة سنه، ومارس التدريس المحظري بجدارة:
 عواطلُ آذانٌ من العلم لم يكن :: يُقرِّطها تدرسه ويشنِّف 
وكان مجودا عالما بالقرآءات، و من أمهر المهرة في علم التوحيد والمنطق، فيشبهه ابن رازگه  بمحمد بن يوسف السنوسي مؤلف أم البراهين الكبرى في علم التوحيد:
 تخاطبنا كبرى ابن يوسف عنده :: دعوا كثرة الآراء هذا المصنف
وكان ضليعا في علوم اللغة: 
درى في اللغى والنحو ما شاء في الصبا :: فشب على تحقيقه يتفلسف
 
وذكر العلامة محمدُّ بن الغزالي في ترجمته له أنه كان شاعرا مجيدا وأن شعره ضاع كله، وأشار ابن رازگه  إلى أن له تأليفا لابد أنه ضاع إلى الأبد هو الآخر:
 وتعزوه للأحداث سن صغيرة :: ويعزوه للأشياخ علم يؤلف
وضياع هذه الآثار ربما يعود من بين أسباب أخرى إلى عدم وجود عقب له، وانقراض عقب أبيه.

وقد برَّز ابن يوسف أيضا في معارف وعلوم خارجة عن دائرة العلوم المحظرية كالطب وغيره..
وعرض ابن رازگه  بعض ذلك بذكره لهذه الشخصيات التي يرمز كل منها إلى فن وعلم معين : 
حكيم تلاشى فيه سحبان وائل :: وقس وأفعى الجرهمي وقِلَطَّف 
ورسطا وقسطا وابن سينا وهرمس :: وإقليدس ذو الجوسقين وأسقف

 وكان مشهورا بالزَّكن والفراسة ونفاذ البصيرة، وهي صفة كانت في كثير من أبناء أسرته (فَهْم أهل أبنا المختار) ولذلك يشير ابن رازگه بقوله:
 يعاين أعقاب الأمور فراسة :: إيَاسية تُلقي إليه وتهتف 

ومما يذكر من فراسته أنه كان لا يخطئ في شيم النوء وتقديره لموقعه، فذات مرة كان مع جماعة عند (اعوينات تن محمد) في وسط منطقة العُقل فارتفع لهم نوء بعيد إلى الجنوب، فتكلموا في مواقعه واختلفوا، فقال هو: هذا المطر يملأ الأضاة الجنوبية من أضوات الدخن (والدخن في جنوب غرب منطقة آتكور) حتى تتمدد أكرعها، أما الأضاة الشمالية فلن تصيبها قطرة! وبين الأضاتين نحو الميل لا يزيد! 

ويشاء الله أن يرد على الحي في غد أحد القادمين من هناك ، فسألوه ما عنده من خبر المطر فقال: عندي كله، امتلأت أضاة الدخن الجنوبية وقصر دون الشمال! 

ومن ما يشتهر من حكايات الفراسة في هذه الأسرة أن أحد مسنيهم العجزة (الأمين بن الحاج) كان إذا أراد أن يعرف في أي ساعة من الليل هو أخرج يده من الفرو وعرضها للهواء قليلا، ثم يقول هذا هواء الساعة كذا! 

ومن ما يحكى أيضا عن زكنهم و نباهتهم أن أحمدو بن محمدُّ بن الغزالي كان ضريرا ولكنه لا يعجز عن أن يقوم بأي من عمل المبصرين، ومن أعجب ذلك أنه كان ربما يقف إلى جانب حوض الماء يسقي ماشيتهم ويذود الغرائب، فكان يميزها بمجرد سماعه أصوات وقع أرجلها!.

يذكر أكثر الرواة -وهم ميالون إلى الغرابة- أنه لم يعش إلا عشرين سنة لا تزيد، ولذلك يشتهر بابن العشرين، ولكن منهم من يقول إنه يمكن أن يكون عاش أكثر من ذلك استنادا إلى أن طرفة بن العبد اشتهر عند العرب بابن العشرين وقد عاش ستا وعشرين، فتقول أخته الخرنق: 
عددنا له ستا وعشرين حجة :: فلما توفاها استوى سيدا ضخما 
فجعنا به لما رجونا إيابه :: على خير حال لا وليدا ولا قحما

وقد توفي أحمد بن يوسف  ووالداه حيان: 
فلا تجزعا يا والديه فربه :: أبرّ به من والديه وأرأف 

ودفن في مدفن قديم للشقرويين عند البئر المسماة الميعاد قريبا من آمجرجي في منطقة بويرات تاگنانت.

 حدّث عبد الله بن الغزالي أنه ذات زيارة للقاضي عبد الله السالم بن يحظيه بن عبد الودود في مكتبه، حدثه أن مما يتذكر أنه وهو صغير أخد والده يحظيه بن عبد الودود بيده وبيد شقيقه التاه صبيحة يوم إلى مدفن الميعاد، وهو مدفن منطمس المعالم بجوار آمجرجي، فدعا لأهل المدفن، ثم وقف على قبرين وخصهما بالدعاء وأنشد بيت ابن رازگه: (ولكن على مثل ابن يوسف يوسف) وقال: كان هذان -وأشار إلى القبرين- من أعلم من بثوا العلم في هذه البلاد، جئت، وجئت بكما لنصيب من بركتهما.
 قال عبد الله السالم: ثم عرفت فيما بعد أنهما شقرويان أحدهما أحمد بن يوسف والآخر من قدماء أسرته.

وقد رثى العلامة الشاعر سيدي عبد الله ولد رازگه ، ابن يوسف بفائيته التي رسمت بريشة الأسى بورتريه للشاعر الموسوعي الفذ أحمد بن يوسف وألقت الضوء على جوانب من شخصيته  لولا القصيدة لظلت زوايا معتمة ولطواها النسيان ، يقول ولد رازگه:
هُوَ الأَجَلُ المَوقوتُ لا يَتَخَلَّفُ :: وَلَيسَ يُرَدُّ الفائِتُ المُتَأَسّفُ
رَضينا قَضاءَ اللَهِ جَلَّ جَلالُهُ :: وَإِن ضَلَّ فيهِ الجاهِلُ المُتَعَسِّفُ
مَضَت غَيرَ ما سُوف عَلى زَرَجونِها :: وَلَكِن عَلى مِثلِ اِبنِ يوسُفَ يوسَفُ
فَتانا وَمُفتينا المُصيبُ وَشَيخُنا :: وَنِبراسُنا فيما يَهُمُّ وَيَسدِفُ
يُعايِنُ أَعقابَ الأُمورِ فَراسَةً :: إِياسِيَّةً تُلقى إِلَيهِ وَتَهتِفُ
وَتَسمَعُ عَنهُ بِالعَجيبِ وَما تَرى :: بِأَحسَنَ مِمّا كانَ يَروي وَأَطرَفُ
تَهُمُّ قُلوبُ الحاسِدينَ بِغَمصِهِ :: فَتَسبقُهُم أَفواهُهُم فَتُشَرَّفُ
بَصيرٌ بِحَلِّ المُشكِلاتِ كَأَنَّما :: يُكاشِفُ عَن أَسرارِها ثُمَّ يَكشِفُ
حَكيمٌ تَلاشى فيهِ سَحبانُ وائِلٍ :: وَقِسٌّ وَأَفعى الجُرهُمِيُّ وَقَلطَفُ
وَرِسطا وَقِسطا وَاِبنُ وَهَرمُسٌ :: وإِقليدِس ذو الجَوسَفَينِ وَاِسقُفُ
غَمامٌ بِماءِ المُزنِ يَنهَلُ مُزنُهُ :: وَبَحرٌ بِأَصدافِ المَكارِمِ يَقذِفُ
تَمَلَّكَ أَطرافَ القَضاءِ وَفِقهَهُ :: وَما هُوَ إِلّا مالِك وَمُطَرَّفُ
تُخاطِبُنا كُبرى اِبن يوسُفَ عِندَهُ :: دَعَوا كَثرَةَ الأَراءِ هَذا المُصَنّفُ
دَرى في اللُّغى وَالنَّحوِ ما شاءَ في الصِبا :: فَشَبَّ عَلى تَحقيقِهِ يَتَفَلسَفُ
يُجَوِّدُ آياتِ الكِتابِ فَصَدرُهُ :: لِمَجموعِ ذي النورَينِ عُثمان مُصحَفُ
عَواطِلُ آذانٍ مِنَ العِلمِ لَم يَكُن :: يُقَرِّطُها تَدريسُهُ وَيُشَنَّفُ
يُفَسِّرُهُ تَفسيرَ حَبرٍ مُوَفَّقٍ :: يُسَنّى لَهُ فَيضُ العُلومِ فَيَغرِفُ
نَضَت جودَها في كَفِّهِ كَفُّ حاتِمٍ :: وَزَرَّ عَلَيهِ جُبَّة الحِلمِ أَحنَفُ
أَشَمُّ المَعالي هَمُّهُ وَهوَ هَمُّها :: وَيشغَفُ فيها مِثلَ ما فيهِ تشغَفُ
قَصَرنَ عَلَيهِ الطَرفِ وَهوَ كَأَنَّما :: بِرُؤيا سِواها كانَ يَقذى وَيُطرَفُ
وَما كُنتُ أَدري قَبلَهُ المَوتَ زَعزَعا :: يُدَكدِكُ جودِيَّ المَعالي وَيَنسِفُ
وَلا حاجِياً أَن يَستَهِلَّ اِبنُ لَيلَةٍ :: عَلى النّاسِ بَدراً كامِلاً ثُمَّ يُكسَفُ
تَوَغَّلتَ سِجنَ الهَمِّ فَاِصبِرهُ حِسبَةً :: يُجازيكَ مَن مَجزِيِّ يوسُفَ يوسُفُ
أَرادَ بِكَ اللَهُ الَّتي هِيَ عِندَهُ :: أَحَظُّ وَأَحظى بِالمَفازِ وَأَشرَفُ
وَلَو أَنَّ آثامَ البَرِيَّةِ كِفةٌ :: لَخَفَّت بِما فيها ثَوابُكَ يُصرَفُ
وَبَخ بَخ وَبَشِّرِ أُمَّ أَحمَدَ بِالَّذي :: يُثَنّى لَها مِن أَجرِهِ وَيُضَعَّفُ
فَلا تَجزَعا يا والِدَيهِ فَرَبُّهُ :: أَبَرُّ بِهِ مِن والِديهِ وأَرأَفُ
وَخَلّي وَمَن أَصفَيتِ وُدّي وَمَن بِهِ :: أُقيم اِعوِجاجي كُلَّهُ وَأُثَقّفُ
وأَفرَشتني شَوكَ القَتادِ وَإِنَّما :: فَراشاكَ في الفِردَوسِ لاذٌ وَرَفرَفُ
وَجازاكَ عَنها خَيرَ خَيرٍ يَنالَهُ :: وَيُجزى بِهِ الدَيّانَةُ المُتَحَنِّفُ
وَخَلّى لِمَولاهُ الحَضيضَ وَأَهلَهُ :: فَلَيسَ لَهُ إِلّا إِلَيهِ التَشَوُّفُ
وَتَعزوهُ لِلأَحداثِ سِنٌّ صَغيرَةٌ :: وَيَعزوهُ لِلأَشياخِ عِلمٌ يُؤَلَّفُ
تَعَجَّبتُ مِن تَقديمِهِ عِندَ عدِّهِم :: وَهُم وَهوَ عَقدُ السُؤدَد المَحضِ نَيفُ
تَغَلغَلَ في عِلمِ التَصَوُّفِ آخِذاً :: عَلى نَفسِهِ دونَ الحُظوظِ التَصَوُّفُ
وَأَدناكَ إِذا لَم تَرضَ نَفسُكَ حَيَّةً :: بِما لَيسَ يُدني مِن رِضاهُ وَيُزلِفُ
وَغَلَّ لِساني فيكَ ما غَمَّ خاطِر :: فَها أَنا أَرسو في الكَلامِ وَأَرسُفُ
وَلَم أَقضِ أَدنى حَقِّهِ غَيرَ أَنَّني :: أُبَهرِجُ في تَأبينِهِ وَأُزَخرِفُ
رَثاء الَّذي لا يُسخِطُ اللَهَ قَولُهُ :: وَيَحزَنُ مِنهُ القَلبُ وَالعَينُ تَذرِفُ
تَمَنَّيتُ لَو أُعطيتَ في القَولِ بِسطَةً :: فَأَهتِفُ فيهِ بِالَّذي أَنا أَعرِفُ
نَعَم كَيفَ يُفني غارِفٌ مُتَحَفِّنٍ :: بِغرفَتِهِ البِحرَ المُحيطَ وَيَنزِفُ
لَهُ شيمٌ مِثلُ النُجومِ عَديدَةٌ :: فَمِنهُنَّ مَوصوفٌ وَما لَيسَ يوصَفُ
وَغاياتُ سَبقٍ في الكَمالاتِ تَنتَهي :: جِيادُ القَوافي دُونَهُنَّ وَتوقَفُ

 ولم يكن ابن رازكه الوحيد الذي رثى أحمد بن يوسف، بل رثاه أيضا العلامة الشاعر محمد اليدالي بن محم سعيد اليدالي ، وهو حفيد شقيقة أبيه خديجة بنت أبنا المختار رثاء حارا صادقا وخديجة هذه عمة المترجم له كانت عند سيدألمين بن باركلل بن يوقب إنلل بن ديمان، وابنتها منه انْبَيكلَّله بنت سيدألمين هي والدة محمد اليدالي يقول محمد اليدالي:
دع الملك الضِّليلَ يَصْبُ ودَعْ هندا :: ودع قولَ: "ديارٌ عهدت بها سعدى
وخلِ سليمى إن تحُلَّ بعرعر :: ووكّل نصيبا أن يهيم ودع دعدا 
فإن صروف الدهر لم تبق سالما :: ولو شق خوف الحتف فضفاضة زردا 
وسهم بنات الدهر ليس بطائش :: إلى مهجات الناس ترصده رصدا فأين ملوك الروم والترك؟ أين من :: تملك أرض الشام والسندَ والهندا؟ 
وأين المشِيدون القصور تصنعا؟ :: ومن جنَبوا الخيل المسوَّمة الجردا؟ 
وأين بنو ساسان أين ملوكهم؟ :: فحادي المنايا ساقهم للردى وِردا 
مضوا وانقضوا واستوحشت سكناتهم :: ولم يتركوا في الأرض خصما ولا ندا 
فما لليالي لا تنام عن الورى :: ولكن لحظ الدهر قد ألف السهدا
تضعضع هذا القطر وانهد ركنه :: وأظلم وجه الأرض واغبر واسودَّا 
وضجت وعجت واقشعرت وأُرجِفت :: أسى وأساس العلم أصبح منهدا 
وزلزلت الآفاق وانثل عرشها :: وغَمّاً حشاشات الورى ألبست وجدا ولاحت على وجه الزمان كآبة :: وأضحى فؤاد الدهر منكسرا نكدا وأضحت بنيَّات الطريق مناهجا :: وباب المعالي والعلا صار منسدا وعمت حناديس الخطوب على الورى :: فلا مَخْلصٌ منها فسحقا لها بعدا 
غداة أصيب المسلمون بخيرهم :: وأحسنهم سمتا وأصدقهم وعدا وأمضاهمُ في النائبات عزيمة :: وأوصلهم رحْما وأوسعهم رفدا

كامل الود

 

اكس ولد اكس اكريك