
لِيَبْكِ المَعَالي اليومَ مَنْ كانَ بَاكِيا
ويَرْثي مَنارَ الخَيرِ مَن كانَ راثِيا
ذَكَتْ نارُ حُزْنٍ هاجَ بَينَ جَوانِحي
كأنَّ عَلى جَنْبَي َّمِنهُ مَكَاوِيا
غَداةَ نَعى ناعي الرَّزِيَّةِ عَمَّتي
فأصبَحَ جَيشُ الهَمِّ لِلصَّبْرِ غازِيا
وَما لِيَ لا أَبْكي وتَبكي قَصائِدي
بِدمعٍ سَخينٍ ظَلَّ في المُوقِ جَارِيا
وقدْ غابَتِ الكُبْرى مَقاماً وقِيمةً
جَزاها إلهي خَيرَ ما كانَ جَازِيا
بِتَيْهاءَ قَفْرٍ شَطَّ عَنَّا مَزارُها
وَأَذْرَتْ عَليْها الرِّيحُ فيها السَّوافِيا
وحاولتُ كَتْمَ الشَّجْوِ مِنْ بَعْدِ بُعْدِها
ولكنَّ عُظْمَ الرُّزْءِ أَبْدى الذي بِياَ
فَبِتُّ بِهَمٍّ لا صَباحَ لِلَيْلِهِ
يَجِي عَنْ يَميني تَارَةً وَشِمالِيا
لَعَمْرِي لئِنْ ماتتْ نِساءٌ كَثيرةٌ
وكان شَدِيدا مَوتُهنَّ وقاسيا
فإنَّ تَوَلِّي عَمَّتِي اليَومَ قَدْ كَسى
بِثَوبِ الأَسى حالَ الأَنامِ وحالِياَ
نُوَدِّعُها واللهُ يَعلمُ أنَّنا
نُودِّعُ تَوْدِيعَ الذي ليسَ قَالِيا
ولكنَّ أَمْرَ اللهِ حُمَّ قَضاؤُه
ولا وَزَرٌ مِمّا قَضى اللهُ واقيا
أكبرى خذ العهدَ المُؤَكَّدَ إنَّني
أرى الحُرَّ بالعهدِ المُؤكَّدِ وافيا
سأَبكيكِ ما دامتْ حياتي وإن أَمُتْ
فحَسْبُكِ مِنِّي الشِّعرُ يَبقى ورائيا
وما أنا من نَوْبِ النَّوائبِ جازِعٌ
ولستُ بما يُلهي بُعَيدَكِ لاهِيا
عليكِ سَلامُ اللهِ مِسْياً وبُكرةً
يُزَجِّي إلى مَثْواكِ سُحْباً غَوادِيا
وأنْزَلَكِ المَولى المُهيمنُ مَنزِلاً
كَريماً وبُستاناً مِنَ النُّورِ حَالِيا
ولا زالَ وكّافٌ على القبرِ هامياً
يُحَقِّقُ آمالاً به وأمانيا
صلاةٌ وتسليمٌ على أحمدَ الهدى
والاَصحابِ في بَدئي وعندَ انتهائيا
المختار بن محمد عبد الرحمن