
ماذا أخبِّئُ من ذكرايَ في كتُبي
يا ريحُ مُــــرّي على عينــــيَّ وانتحبـــي
يا صبـــرَ يونسَ ماتَ الحوتُ من ظمأٍ
والثلجُ من دمعةِ التاريخِ لم يَذُبِ
كأيِّ نايٍ أرى الأفراحَ خائنةً
إذا تعلّقَ ثوبُ الحزنِ بالطربِ
قصيدتي وهي تُغوي قلبَ أغنيتي
كمنجةٌ حرَّضَتْ صمتي على صَخَبي
وحينما ذابَ في وردِ الهَدى فمُها
قالوا لها يا أريجَ اللوعةِ انسكِبي
لكنّها عصمتي في الشعر أعرفـُــهُا
أنثــــى تـُـــــراودُ خلفَ البوحِ قلبَ نبي
تقولُ لي شمعةٌ في الريحِ باكيةٌ
النارُ نارُكَ لا تعتبْ على الحَطَبِ
كأنَّ حزنَكَ مثلُ الأرضِ يسألُها
كم ظلَّ في الحزنِ من حزنٍ على حـَـلـَـبِ
فمرَّني المتنبّي وهو يهمسٌ لي
ليسَ التعلُّلُ بالآمالِ من أرَبي"
وقلــــتُ: يا حلــــمُ لم تصدقْ معي زمنـاً
فهل ستفعلُ ؟ قالَ: الصدقُ في الكـــذِبِ
هل المدينـــةُ في قلبي ملاوعةٌ ؟
وهل ستعزفُ صوتَ الروحِ من قَصَبي
فكم كتبتُ لعينيها وأدهشَها
وكم نثرت عليها الحب من سُحُبي
وكنتُ أوَّلَ من ألقى تحيتـَـهُ
فأيقظَ الكحلَ حتى سالَ في الهُدُبِ
أُلملمُ الدمعَ منهـــا .. ليس لي سكــــــنٌ
أنـا الغريـبُ الذي أغفـــــو على لـَهـَـبي
في رحلــــةِ الصيــــدِ لا أبـــدو مُنادمَهم
وكلما تهتُ في الغاباتِ صحتُ : أبــــي
هم يجلســـــون أمامـــي فـــوقَ أجنحــةٍ
أنيقـــــةٍ .. وأنـــا أحبــــو على عَصَبي
سيحمـِلُ الصقرَ غيري / لستُ أحسدُهُم
فهل ستعرفُنــي الصحراءُ من خُطَبي ؟
وقفت في سوق من مروا فأدهشَهُمْ
أنـّــي أُسبِّــــبُ أشجــــاري بلا سبـــبِ
سأحــــرثُ الأرضَ كـــــي ترتجَّ داليةٌ
من القصيدِ فتصفــــو الروحُ في عِنَبي
فمنـــــذُ أن أُلقـِــــيَتْ فـي اليمِّ أشرعتي
ما كان يُرضِعُ أحلامي ســــــوى أدبي
فرعونُ قالَ أنا فاخترتُهُ مثلا
للعابرينَ بلا تقوى على عُشُبي
ما زلتُ أُطعـِـمُ صبري من براءّتـِهِ
حتى لو النارُ سهواً أحرقت ذَهَبي
وكان أتباعُهُ لا يحرسونَ فمي
إذا تنهَّدَ صمتُ الماءٍ بالغضبِ
سيتعبــــونَ كثيـــــراً كـــــي أُودِّعَهُـــم
ويرسُمُ الشعرُ قوسَ البـوحِ في الحُجُبِ
ما خاننــــي ألـَـــــقُ المغنـــــى لأعلمَهُمْ
أنَّ المعانـــي طيـــورُ الشاعــرِ العربي
مُذْ أولِ البــــوح كانــــت عنـــد بسملتي
شمسٌ تـُخـَـبـِّئُ صبحَ الشعرِ في لُعَبـــي
وها كبــــرتُ وهــذا الشعـــــرُ شيـّـدَ لي
بيتَ النجومِ الذي ما مـــــلَّ من شـَغـَبي
آمنْتُ بالقلقِ الكونيِّ في شغفي
مُذْ آمَنَتْ رئَةُ التنّورِ بالحطبِ
أتيــــتُ مــــن أولِ المعنــــى وآخــــــرِهِ
حتى أفــــرِّغَ بحــرَ الشعـــرِ بالقـِـــرَبِ
فالآنَ نجلُـــكَ يجثـــــو فـــــوقَ قافيــــةٍ
يا ســـــادنَ الليل .. أبلغتُ المدى عَتَبي
عـــذري إلى الوقـــت أنَّ النخلَ يعرفُني
فهــل سآكـُــلُ بعد الصبـر من رُطَبي ؟
محمد عبدالله البريكي
من ديوان عكاز الريح