
من أحسن ما رأيت مكتوبا عن الموسوعة الكبرى لفتاوي منطقة الصحراء والغرب الإفريقي التي ألفها أخونا الأستاذ الباحث المبرز يحيى بن البراء ما كتبه القاضي عبد الله بن محمد حيث قال:
"لقد قرأت مقدمة الموسوعة الكبرى ولاحظت أنها مقدمة علمية محكمة فائقة وأن صاحبها متضلع فى الفقه وأصوله والعقيدة والتصوف لأنه يغوص فى أعماق بعيدة لا يجرؤ عليها إلا من يحسن الغوص على المعانى ويجيد التصرف فى الألفاظ الشرعية باعتبارها مصطلحات تدل على حقائق شرعية ولا تنطبق على سواها.
كانت مقدمة على مستوى الكتاب نظرا لحجمه وكمية ما تضمن من الفتوى والنوازل ولأن جودة إخراجها وترتيبها أظهرت مدى ما وصل إليه كيفها بالنسبة إلى حجمها فلم يكن هذا بأجود من هذا ولا كان ذا أحسن من ذا ويندر أن يستجمع أى كتاب ضخم ولا أية مدونة كبرى جودة وحسن الكم والكيف معا إذ الغالب أن يكون الحجم على حساب الكيف كما نبه إلى ذلك الأستاذ مالك بن نبي- رحمه الله تعالى- فى كتابه وجهة العالم الإسلامي وغيره من كتبه النافعة
وألاحظ أننى لم أقرأ مقدمة طويلة عميقة رزينة على الوصف الذى ذكرت سابقا سوى هذه المقدمة أو مقدمة الموسوعة اليهودية للدكتور عبدالوهاب المسيري- عليه رحمة الله تعالى- إلا أنه ضمنها كثيرا من المصطلحات الفلسفية الحديثة تضطر القارئ إلى الوقوف عندها والبحث فى المعاجم الفلسفية لمعرفة معناها ومدلولها خلال السياق الذى أتت فيه ويمكن أن يكون الدكتوران قد سارا على منهج ابن خلدون فى مقدمة كتابه العبر.
إذن فهذه الموسوعة- عندى- تعد أول عمل علمى جاد يقوم به باحث موريتانى فى حقل الدراسات الفقهية بصفة أعمق وفى مجال علم الكلام والعقيدة على المنهج الأشعرى بصفة أخص دون المنهج السلفي الذى يبدو أنه قد اكتسح مجال العقيدة فى هذه الحقبة من التاريخ لأنه- أى العقيدة السلفية -لم تنهض إلا بدعم ورعاية سلطة معينة كغيرها من المذاهب والفرق الكلامية كما تعلمون.
وكذلك فإن المساحة المخصصة للتصوف كانت لائقة بهذا اللون من المعرفة والتجارب الإنسانية لأننا نراه كذلك تجربة عرفانية اكتسبها شيخ وحاول تعديتها إلى مريده لكن التجارب عرضة للفشل فى أغلب حالاتها وقد تتهيأ للنجاح فى بعض الأحيان كتجربة الجنيد ومن قبله إبراهيم بن أدهم والحارث المحاسبى ومن قبل ذلك الحسن البصري ومالك بن دينار من التابعين ومن على شكلهم من طبقتهم.
وخلاصة القول فإنها مقدمة تفتح الباب للدخول إلى الكتاب بأمان وتهيئ الذهن للنشاط من أجل الفهم وتدفع الهمة لمواصلة قراءة الكتاب والنتيجة بعد ذلك قد تكون بعون الله تعالى محمودة".