محمد عبد الله البريكي
نعيش في هذه الفترة طفرة في اكتشاف الوجوه الإبداعية الجديدة، وهو ما يدل على أن شباب الشعراء في الوطن العربي يسعون إلى إثبات قدراتهم عبر مشاركاتهم في المهرجانات، ومحاولة الظهور عبر الإصدارات الثقافية والإعلان عن وجودهم بشتى الطرق والوسائل، كما أن الإمارات شهدت في الفترة الأخيرة مشاركة واسعة للشعراء الجدد في الساحة الثقافية وهو ينبئ عن ميلاد جيل جديد من المبدعين لديهم الموهبة الحقيقية والإصرار الكامل على مواصلة المشوار واعتلاء المنابر وإصدار الدواوين الشعرية والتأقلم مع المحيط الإبداعي بشتى الطرق.
ومن أهم إسهامات الجيل الشعري الجديد في عالمنا العربي هو ظهور المدونات الشعرية بديلاً عن الوصول إلى الشهرة عبر منافذ عصية إلا على الأسماء الشهيرة، فعبر وسائل التواصل الاجتماعي والمدونات الشخصية أصبح من السهل الاطلاع على كم وافر من الأسماء الشعرية الجديدة والتواصل مع إبداعها جمالياً، حيث بدت هذه المدونات وكأنها قنوات غير رسمية يضخ فيها الشاعر إنتاجه موزعاً عبر أبواب تحمل عناوين تشبه إلى حد كبير الإصدارات الثقافية، حيث يضع فيها مقالاته وأشعاره ولقاءاته التلفزيونية إن وجدت، ويضع فيها أيضاً كتاباته الحرة ومختارات من أشعار الآخرين سواء المؤسسين أو المحدثين، ومن خلال المدونة الشعرية يستطيع القراء والنقاد أن يتلمسوا الحدود الإبداعية لكوكبة من الشعراء الشباب الذين اتخذوا من التكنولوجيا أداة رفيعة المستوى للوصول إلى الشهرة والنجومية، وهو ما يطرح سؤالا مهماً هو هل من الممكن أن تكون في يوم من الأيام المدونات الشعرية بديلاً للشعراء عن إصدار الدواوين، وباباً للشهرة والعثور على جمهور حقيقي، وهل هذه المدونات تملك المقومات التي تسهم في تحقيق طموح وآمال الشعراء وبخاصة الشباب منهم، وهل ستكون المعادل الحقيقي لما يجري في ساحة الفن حيث إنه بإمكان الشعراء قراءة أشعارهم بصوتهم وتسجيل فيديوهات قصيرة للتعبير عن آرائهم في قضايا شعرية معاصرة؟.
أعتقد أن العالم الرقمي سيحدث شيئاً ما في هذا الشأن وسيجدد علاقة الشعر بالجمهور إن وجدت الآليات الحقيقية التي تبرز إنتاج الشعراء الشباب الموهوبين الذين لم يجدوا حظهم في العصر الحالي.
ولا شك أن الإصدارات الثقافية اليوم في العالم العربي تسهم في اكتشاف الشعراء الشباب الجدد وتتيح لهم فرصة كتابة المقالات الأدبية التي تثري ثقافتهم وتعمق تجربتهم وتضيف لشعرهم، وكذلك تجري معهم الحوارات الصحفية وتمنحهم قدراً وافراً من الاهتمام المنشود، وقد لاحظت أن مجلات ثقافية عريقة تعطي الضوء الأخضر لإبراز النماذج الشابة من الشعراء، وقد لعبت البرامج الثقافية في دولة الإمارات العربية المتحدة أيضاً دوراً مهماً في إبراز الشعراء الجدد من خلال مشروعات الشارقة التي أطلقها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، والتي أصبحت ركيزة أساسية في تسليط الضوء على الشعراء الشباب في كل أنحاء الوطن العربي، ولا تزال جهود الشارقة في الاهتمام بالشعراء الجدد متواصلة على كافة الأصعدة، وأيضا تبرز برامج ثقافية مهمة في الدولة مثل برنامج أمير الشعراء الذي أسهم في اكتشاف شعراء شباب أصبحوا من الأسماء المشهورة حاليا، والحقيقة أن الشعراء الشباب والكتاب منهم أيضا يمتلكون الموهبة الكاملة، وأقصد هنا أصحاب المواهب الحقيقية التي تستحق الاهتمام والتقدير.