الجزء
يبالغ علماء الرياضيات حين يتوقعون تقابلا تاما لا نهائيا بين مجال صغير من حيث تقارب الأطراف مع مجال آخر تكاد أطرافه لا تعرف بعضها و لم تسمع عنه مجرد سماع.
و انطلاقا من عالم المجالات ذاك نطرح السؤال الغريب التالي:
هل لكل جزء في كوننا حتى و لو كان جزءا من جزء دور أساسي يُشكل غيابه اختلالا جوهريا على المجال أو الغلاف كله؟
و ماذا لو طبقنا ذلك على جزء ملموس محسوس كمجموعة ذرات؟
أو جزء صوتي كنطق ما ، أو صوت معين ، أو حتى حرف من حروف أبجدية معينة ، و هل سيقودنا ذلك إلى حذف دقائق أو ساعات أو حتى جزء من الأسبوع؟
إننا في عالم من عوالم يزداد تعقيده كلما حاولنا الوصول إلى أصغر جزء منه لندرك أن ذلك الجزء الصغير يُشكل وحده عالما مُكتمل الأركان قائما بذاته دون الحاجة إلى أدوات من خارجه و أننا نحن الذين لا تمكننا مسايرة التفكيك المتواصل لتوقفنا عند أبواب عتبات بعض العقبات و التي
تتوالد بدورها أمام إدراكنا الذي يبدأ بالتراجع و التناقص و حتى بالتوقف التام، ألم يقل علماء الأحياء أن ذرة واحدة
من مخلفات حيوان تحمل داخلها أعدادا من البكتيريا
تفوق عدد ما وُلد من البشر إلى حد اليوم؟
هل مفهوم الصغر و الكبر و الكثرة و القلة و الجودة و الرداءة و القيمة و السخافة، هل كل تلك المفاهيم فاسدة ؟
و كذلك مفاهيم الاتجاهات و العلو و النزول و القوة و الضعف و الزمن القديم و الحديث و السابق و اللاحق
لعلنا حين نُدرك بعض ذلك يُساعدنا على معرفة مميزاتنا و قدراتنا و إدراكنا و نُحاول أن لا نكون عقبة في دورة الحياة و الكون بأعمال غير محسوبة لأن الحساب نفسه غير قادر على ضبط
نفسه فكيف بالخارج عنه و غير المُدرك له.
إن عظمة هذا العالم في عظمة انسجام عوالمه المستقلة و المترابطة في نفس الوقت، الغنية عن غيرها و المتفاعلة معه في نبض واحد.