إعلان

الأفكار بين التبسيط والتعقيد.. / إبراهيم الأندلسي

خميس, 12/06/2018 - 19:36

 

ألبرت إينشتاين:

"إذا لم تستطع شرح فكرتك لطفل عمره ستة أعوام فأنت نفسك لم تفهمها بعد". 

الدعامة الأساسية لأي مجتمع هي جودة التعليم فهو الذي يتم عليه و به البناء ، و هو سلاح المستقبل و ذاكرة الماضي ، و أكثر مشاكل التعليم هي في طاقمه الذي يُعوَّل عليه كثيرا.
و مع تطور الوسائل و سهولة الكثير من الخدمات فإن ذلك لم يَنطبق إيجابا على التعليم في غالبية البلدان،
فما هي الأسباب؟
يميل كثيرون إلى تعقيد المبسَّط، علما أن التعليم عكس ذلك ، فهو تبسيط المُعقَّد، ذلك أن التعقيد يحمل أمرين ، ضعف قدرات المعلم ، أو احتكار المعرفة.
يدور الكثير من الطُّرَفِ عن ذلك العامل البسيط، الذي يقول للعمال الذين يعملون معه بدون تجربة أن الأمر غاية في الصعوبة و أنه ضَحى بالغالي و النفيس حتى تَجاوز كل العراقيل، وقد رأينا في الأفلام ذلك الحارس الأمريكي الذي يُطارد الدببة حتى لا تقترب من المُنمين وهو يَعضُّ أصابع الندم لأن هذا العلم الكبير سيذهب معه إلى القبر إذا لم يجد قِسما من الطلاب يُعلمه له.
لسنا بصدد فاقد الشيء لا يُعطيه، و لا عبارة أخرى تُفيد أن الأنبوب الصغير لا يُمكنه أن يملأ الأنبوب الأوسع، بينما تزداد سرعة السائل داخل الأنبوب الأضيق إذا كان يصُبُّ فيه أنبوب أكبر ، حيث تُعوِّضُ السرعة جزءا من ضِيق المساحة.
يقول ألبرت إينشتين :
"يمكن لأي أحمق ذكيٍّ أن يَجعل الأمور أكبر وأكثر تعقيدًا... يتطلب الأمر لمسة عبقرية والكثير من الشجاعة للتحرك بالاتجاه المعاكس"
فما أكثر أؤلئك الذين يدورون حول الفكرة ، حول قشورها أو أعراض اللغة المُصاحبة و اصطلاحاتها، و يُغيِّبون جوهر الفكرة الأساس، و هكذا يحصل الدارس على كمية كبيرة من الوهم و التشويش تفوق ما تعلمه من المعارف الأساسية.
معاجم علمية حديثة أصبحت تُحرِّم مُجرَّدَ وُرود كلمات بعينها منفِيَّةً أو مُثبتةً ، ذلك أن السامع قد لا يَتمكن من النفيِ أو ينساهُ ، فيُعاملُهُ مُعاملةَ الإثبات فتَقعُ كوارثُ فادحة ، تكون خسارتها الأرواح و المُمتلكات، و نفس الشيء عن الإثبات حين يُعامَل معاملةَ المَنفِيِّ ، و قد أصابوا بذلك الجوهرَ المطلوب.
فهل يستطيع المُفكر عرض الفكرة بثوب أكثر بساطة حتى يفهمها تلميذ في السادسة من عمره؟
و كيف يمكنه ذلك؟
و إذا عجز عن شرحها أين يكمُن الخلل؟
من المعلوم أن المُدرِّس إذا  كان أكثر تضلُّعا في مادته ، كان أكثر قدرة على تفسيرها و تحليلها و تقدِيمها بصيغٍ و أشكال مُختلفة، تتَناسَبُ مع إدراكِ المُتلقِّي نفسه، و من هنا تَبرزُ مُشكلةُ توارث المَناهج و الطُّرقِ التي أثبتت فشلها في السابق و تمت تجربتها مرات و مرات، و كأن أصحابها العقلاء ينتظرون منها نتائج جيدة و مُغايرة،
يقول ألبرت إينشتين:
"الغباء هو فعل نفس الشيء مرتين بنفس الأسلوب و نفس الخطوات وانتظار نتائج مختلفه".
و من هنا نصل إلى السؤال الأكبر،
دوّلٌ تُدارُ بنفس الطريقة و نفس الخطوات ، و ننتظِرُ منها و تَعِدنا بنتائج مُختلفة  بل و غارقة في الأحلام الوردية لذيذة السّماع،
فَمَن المسؤول عن طوفان الغباء  ؟
و مَن الطفلُ المُتلقِّي ؟
و من صاحب الفكرة العظيمة؟

٢٥