قراءات نقدية عابرة لرواية موريتانية.. "دحان"

جمعة, 06/21/2019 - 16:15

1) لقد كنت متحمسا للقراءة لمحمد ولد محمد السالم لسببين، الأول لأنه أكثر الروائيين الموريتانيين إنتاجا وغزارة بأربع روايات آخرها دحان، والثاني لأنه بعيد عن البروباغاندا وتضخيم رواياته إعلاميا ويعمل بصمت.. ولم يخذلني.
2) لم يمهلك الكاتب طويلا ودخل في صلب روايته، عبد الرحمان الملقب دحان شاب تفوق في دراسته وخذلته الحياة،ملء قلبه بالوجع، وجع البطالة والفقر والمحسوبية،صراعه مع ذاته ونظرته المتناقضة للغرب، تلك هي حكاية دحان في 260 صفحة.
3) منذ ولد الدين في الحدقي لم أقابل كاتبا موريتانيا بهذه الرزانة، البناء الروائي سلس، هادئ، لم يحتج كما باقي الروايات الموريتانية لحشو الأحداث بمشاهد جنسية متكلفة، فجاءت الرواية متماسكة ومحكمة.
4) من إخوته سكينة وعلي وصولا إلى صديقه سليمان كانت الشخصيات المساندة في الرواية مؤثرة في أحداثها، ولعل شخصية سكينة تحديدا هي أفضل شخصية مساندة صادفتني في رواية موريتانية.
5) الرواية مليئة منذ بدايتها بالتحولات "المنطقية" والصدمات التي تقابل القارئ أسس لها الكاتب بطريقة واقعية تماما، وقوس أو منحنى شخصيات الرواية كان مرسوما بطريقة جيدة.
6)فشل الكاتب في الخروج عن النسق الجمعي حين تعلق الأمر بنظرته للمرأة فمارس سلطته "الذكورية" فجاءت المرأة في روايته "هشة" و "ضعيفة". 
7)رغم أن الرواية موريتانية إلا أن الكاتب تقريبا لم يورد كلمة من الحسانية، خصوصا في الحوارات، التي كانت بالعربية الفصحى. 
8)اللغة كانت مباشرة في أغلب فصول الرواية، لكن ساعدها طابع الرواية التشويقي وأحداثها المتسارعة.
9) لم يقنعني الكاتب حين حاول إقحام الصراع بين الشرق والغرب فجاءت نظرته جامدة ورغم تطور الاحداث وتغير الشخصيات بفعل الإنعطافات التي عرفتها الرواية لم تشهد تلك النظرة أي تغيير يذكر. 
10) في نهاية نفق حياة دحان المظلم جاءه أخيرا ذلك البريق، لكن دائما ماكان الأمل في حياة دحان هو وهم زائف،هل تختلف هذه المرة؟ جاءت النهاية مفتوحة.. وجيدة جدا. 
11) دحان هي أفضل رواية موريتانية قرأتها إلى حد اللحظة، رواية مليئة بالأسى والفرح، بالوجع والأمل، تحمل في طياتها خليط من التناقضات الإنسانية في قالب روائي بديع، بالتأكيد لن تكون قراءتي الأخيرة لمحمد ولد محمد السالم فهو كاتب مميز.

 

أحمد محمود