ويليام شكسبير
أديب بريطاني وكاتب مسرحي وشاعر إنجليزي ، صنف كأعظم كاتب في اللغة الإنجليزية ، لُقِّب بكبير شعراء الإنجليز، و يعد من أبرز الشخصيات في الأدب العالمي.
من أقواله المشهورة:
" ما أتعس الحُبَّ الذي يقبل أن يُقاس"
اشتهر الشاعر و الكاتب الكبير ويليام شكسبير بأعماله الرائعة و مسرحياته الشهيرة، حيث كان يوظف الأسطورة أحسن توظيف،و يُقدم الحُبّ في حلل جديدة و على أطباق خيالية تخلب ألباب المشاهدين و السامعين.
تُركِّز مقولة الشاعر و الفيلسوف ويليام شاكسبير على ركنين أساسيين، أحدهما هو جوهر المقولة و الثاني نوع من حسابه أو تقييمه أو إدراكه، الأول هو الحُبُّ و الثاني هو المقياس و تطبيقه إن أمكن على الحُبِّ.
فما هو الحُبُّ المقصود؟
و كيف تتم معرفته؟
و هل يُمكن تقديره و قياسه؟
و كيف نتأكد من وجوده ؟
و أين يكمن داخل النفس البشرية؟
الحُبُّ عنوان كبير عُرف منذ القِدم
و كثر الحديث عنه ، سواء المُشاهَد أو المكتوب أو المرويات المتداولة ، ويتداخل مفهوم الحب مع غيره من المفاهيم كالعاطفة و التجاذب و التناغم ... و غيرهم حيث يصعب وجود تعبير حقيقي ملموس يمَكِّننا من إعطاء تعريف للحب لا تدخل فيه شوائب أخرى قريبة أو بعيدة.
يحاول كثيرون اليوم تحجيم الحُبّ بحصره في العلاقات بين الجنسين و ذلك التناغم الغريزي و الميول الطبيعي بين الرجل و المرأة، و هو جانب حقيقي و جزء من نوع من أنواع الحُبِّ الإنساني بشكله العام، ولكنه لا يُغطي الجانب الاجتماعي وحده من الحُبّ الإنساني فكيف يطلق على جميع أنواع الحب الأخرى؟ و ماذا سنسمي حبَّ الأم لابنائها و حب الإخوة و الحب بين الأقرباء و الجيران؟
و كيف نسمي حب الزعماء التاريخيين و الأدباء و المفكرين؟
و ماذا عن حب المدارس الفكرية التي أنتجها الإنسان نفسه؟
و ماذا عن المشاهير في كل المجالات
السياسية و الاجتماعية و الأدبية و الفنية و الرياضية...؟
لا زلنا في كلامنا هذا نتحدث عن الحب و جانبه الإنساني فقط، و لم نتطرق إلى علاقة الإنسان بالخارج بالآخر الكوني الواسع و المتنوِّع، كعلاقة الإنسان بالأرض بمرابعها و سهولها و تلالها و جبالها، بالمساكن و الشوارع و الأزقة، بالمروج و الصحاري و الغابات...
و علاقة الإنسان بالبحار و المحيطات و الأنهار و الشواطئ و الثلوج و الأمطار و البِرك و الآبار...
و علاقة الإنسان بالنور و الظلام و النجوم و الليل و البدر و الشمس و المصابيح و الشموع ...
و هناك علاقاته بالأواني و الممتلكات و المقتنيات المادية، من كؤوس و لوحات و كتب و أجهزة مختلفة...
و هناك علاقاته بالطيور و الحيوانات الأليفة و الدلافين في البحار و حدائق الحيوانات المزدحمة...
ألا توجد علاقة حب في كل ما سبق و غيره مما لا يُمكن حصره؟
و هذه الأشياء و الأدوات في تزايد مستمر و مطرد .
و هناك حب آخر هو حب العادات و أنواع من السلوك كالرياضات و اللعب و غيرهما مما يرتبط بالميول الفردية.
إننا بتعديدنا لأنواع الحُبِّ الممكنة و الكثيرة لا نُهمل ذلك النوع الأولَ السائغَ في آذان الناس و الملامس لقلوبهم، و لا نحجِّم دوره و لا قيمته الكبرى ، و لا نُنكر ما نُسِج حوله من أساطير شدَّت الأذهانَ و الأسماعَ و عزفت لحن الخلود البشري و أغنية الحياة الأبدية.
لكننا رغم إقرارنا بقيمته أو تصدُّره لقائمة الحُبِّ الطويلة لا نتفق على صورته الخارجية المُبتذلة و المُستهلكة عند العامة في الأماكن و الطرقات و الميادين.
فَلَو كان الحُبُّ هو الميول الفطري و الإعجاب بالأشكال و الصور و الحركات، فكيف نفسر استمراره بعد غياب كل تلك الخصائص ؟
بل كيف نفسر استمراره بعد غياب المحبوب كله، غيابه النهائي؟
الحُبّ لحن من ألحان هذه الحياة و مزمارها الخالد و هو الذي قال عنه أسطورة الشِّعر العربي نزار قباني:
الحُبُّ في الأرض بعضٌ من تصوُّرنا
لو لم نجده عليها لاخترعناهُ
فهل يقبل الحُبُّ المقاييس؟
قبل أن نجيب على السؤال الأخير و إمكانية قبول الحُب أي مقياس يجب أن نُعرِّف الحُبَّ المقصودَ أولا، فبدون تعريفه و تحديده ستختلُّ كل أشكال المقاييس و الموازين المُعدَّةِ مُسبقا،
فما هو الحُبُّ الذي يمكن قياسه؟
و إذا أجبنا على هذا النوع التَّعيس من أنواع الحُبِّ حسب تعبير الشاعر ويليام شكسبير فإننا سنملك صورة صغرى عن الحُبِّ تُعطينا تصوُّرا صغيرا مشابها لها، و بذلك ندرك أن هذه الصورة الصغيرة بمقياس الحُبِّ و الكبيرة بمقياس الإدراك و الجَمال هي مجرَّدُ إسقاطٍ بسيط و لوحة مهملة من لوحات الحب الهامشية ،و ليست صورة الحُبِّ الحقيقية العصية على الإدراك و التفسير و حتى على التَّخيُّل في مجاله الرحب الواسع.
سيعيدنا تفسير الحُبِّ و تحديده إلى جميع الأمور المتعلقة بالإنسان و علاقتها بمحيطه، فنحن نعرف الزلازل و تأثيرها المُدمر عل الإنسان و الحيوان و الحياة عامة، لكننا لا نعرف أنواع الزلازل الكبيرة التي تحدُث في أعماق الإنسان فتُغيِّر اتجاهه و مصيره دون سابق إنذار، فكم من الكتاب و الفلاسفة الذين تحدثوا عن حياة أخرى بجميع مشاكلها و جمالياتها تحدث داخلهم ، و لا ترتبط بما يقع في الخارج بشكله المُستَقِل.
ما أتعسَ الحُبَّ الذي يقبلُ أن يُقاسَ،
و ما أتعس الإنسان الذي لا يعرف الحُبَّ ، و ما أتعس الحياة التي لا تَخلُقُ الحُبَّ و لا تُساعد على نموِّ أزهاره و أغصانه.
ما أجمل شجرة الحب حين تُزهر في كل اتجاه لتُغَطيَّ هذا الكوكبَ الجميل و تحافظ على علاقاته البَينِيَّة.
العلاقة بين الإنسان و الإنسان مهما كان لونه و عرقه و ثقافته.
العلاقة بين الإنسان و الحيوان مهما كان توحشُّه و عدوانيته فقد وُجِد لدور ما داخل هذه المنظومة المُتكاملة.
العلاقة بين الإنسان و الجماد بجميع صوره و ألوانه و تفاعلاته.
و أخيرا لنَدَعَ لكلِّ فردٍ تفسيره الذاتيَّ لماهية الحُبِّ و أدواره الممكنة في فضائه المعرفي و التّخيلي الخاص، بشرط أن لا يحمل حبُّهُ أسلحةَ الإكراه و العَداء و بذور الشقاق و الحروب، فكيف لنقيض أن يكون سبيلا سالكا إلى نقيضه و هما في اتجاهين مختلفين ، و مُتعارضين تمام التَّعارض ؟
و هل يَلِدُ الحُبُّ بجَماليته الخلابة، و روحانيته الحانيَّة ،و دماثَتِهِ الآسِرة أبناءً من نبتةٍ خبيثة كالكُره و العَداء و العنصرية و الانتقام و الكِبْر، و العِرْق الأسمَى و الأحَق؟
٤٢