أدي آدب
الأديب الموريتاني: المختار السالم أحمد سالم، يرسم ملامح بصمته الإبداعية المميزة، من خلال عنونة أعماله الأدبية: دواوين، وروايات، وحتى مقالات، بطريقة تتحدى آليتي في قراءة النصوص، التي أسميها: "جدل المتن والعنوان"،والتي أقيس بها مدى مصداقية الاسم، حسب تجليات بنيته في نسيج المتن؛ إذ "الكتاب يقرأ من عنوانه"، كما يقال، وعلى ضوء ذلك أعتبر أن أي عنوان، لا يناسب متنه، هو مثل رأس حُطَّ على جسد غير جسده؛ حيث لم تعدْ العناوين تسميات اعتباطية تطلق جزافا، وإنما أصبحت سيدة "عتبات النص" الدالة، باعتبارها تمثل – من طرف المبدع – قراءة مركزة، تختزل أبعادَ مُنْجَزِه الثري في كلمة أو جملة، ما يجعل البحث في حيثيات النسب بينها وبين العمل المعنون، لعبة نقدية مغرية، تستهوي القارئ دائما، عبر غواية غلَّابة يستبطنها أو تستبطنه، فيمارسها أو تمارسه، بوعي أو بدونه.
وهكذا، عندما قرأت عنوان ديوان المحتار الجديد: "السالمية"، ليلة فَضَّلَ أنْ يكون أول إعلان لصدوره، هو أجمل أصناف كرم ضيافته لنا في بيته العامر قبل أسابيع، لم أنخدع ببساطة العنوان، ولا بظاهر تقليدية التسمية بنسْبَةِ المُؤَلَّفِ للمُؤَلِّف، فالمختار السالم "قرين القافية"، المتفيئ أبدا "ظلال الحروف"، عميد سدنتها، المتحسس"وجع السراب"، في "القيعان الدامية"، ، المستكشف"سراديبه في ظلال النسيان"، عبر "موسم الذاكرة"، المُحَضِّرُ الماهر لأرواح "البافور" في نثرياته الشعرية، المستشرف للمبدعين المنتظرين، الذين يتوقع أنهم سيقتحمون سديم المشهد "ويأتون غدا"، ربما ليعلن للجميع، سره الأكبر، مشيرا بسبابته إلى حرفه الجميل :"هذا هو النهد الذي اعترفت له"..
من هذ التميز المشهود في صناعة العنونات، أدركت أن "السالمية" خبر لمبتدأ محذوف، تختزل "ال" التعريف فيه، إعلان احتكار بصمة إبداعية، لا يشارك المختار السالم فيها شاعر ولا كاتب.. إنه باختصار إعلان لمدرسة أدبية متكاملة العناصر عنوانها الشامل: "السالمية"، لمَّا يُتَحْ لي الوقت الكافي لتجاوز عتبات عناوينها الجميلة المحكمة، لاستجلاء أعماق فنيات مضامينها المغرية.
أدي ولد آدب