المرايا الغارقة / شعر: المختار السالم

خميس, 03/19/2020 - 01:55

 

شعر: المختار السالم

 

 

 

"الدَّرْبُ فاكِهةُ الخُطى" و"خطوات الفاكهة"،

سنابلُ الغبارِ

سفريَّ المُـرتَّـلَ بعدَ اثنتينِ وثمانينَ كأساً

نحن الثمانية

تفككنا منسأةُ المرايا،

والليلُ ثَـملتْ مراياهُ،

أسماؤنا بأسْمائها

صقيلٌ ومجروحٌ

في موتِ النِّهاياتِ المعقَّمةِ بتوْقيعنا.

تـثعبنَ الضوءُ في الجرح؛

نحنُ الثمَانية

العِـجْلُ الوضَّاءُ

أشْربَ الضَّوْضَاء.

ليخبرَ الناسَ بأسْمائهمْ

فالناسُ يعرفونَ أسماء الملائكةِ..

وأسماء الخيولِ

كما يعرفها الشعرُ خلف "النصيف" النازل كالعصيفِ.

خرجْنا منَ السَّقفِ السقيفِ..

إلى قمرِ الشِّتَاء النحيْفِ..

والدُّخانُ جَائعُ

على مائدةِ الريحِ الكفيفِ!

ليسَ بينَ مسارِاتنا

قدحُ الشغافِ

نشتاقُ الخوفَ فيْنَا

ثمَّ نبحثُ عن "الطرْوَاديِّ" الأخيرِ..

ونسألُ: لماذاَ تخشَّبَ داخلَ حصانهِ

في الظهيرةِ..؟!

أفي الأهْلِ من حوْلنا طيْبةُ "الأرقطِ"!

وهل فرَّقَ النصبُ بينَ دَمِ الحِجَامةِ والمشْرطِ؟!

لا يَـجِـفُّ دربٌ وطأته خُطى الحلمِ والحَالمِ

ولا يلثم الغبارُ القصائد في الطريق إلى النَّومِ والنَّائِمِ

ولا يملأ الجرة مرتين على قدر الرسْم والراسمِ

الخطُّ تـحْت ِنقاطِ البابِ مرتفعٌ

وفي الرمالِ ظُنونٌ؛ والخطى بقعُ

كل امرأةٍ طائفتان منّ اللَّيلِ والنهار

ومن العار أن يجهلَ الفلكُ القمرَ في شهْوتنا

إلى آخر ماءٍ يطهِّرنا منَ الماءِ..

وإلى آخر ما في العناقِ من القناعِ

ومن جرسٍ رجسٍ

على ما في السماع

من المساعي

إلى شرف القلاع والطباعِ

ومنَّا؛ ومن دونِ لفٍّ.. دونِ اللفِّ..

ولفُّنا منْ لطفنا

في المعنى الذي يهدينا

 إلى إلْفنا

وحلفِنا في السرير

كما اشتقنا في النهار إلى الليل

إلى الفراشةِ التي تفرشنا

إلى الغُنْمِ والغنائمْ

لنستعيدَ الحمام الذي يجهلُ جهاتِ العواصمْ

والمعاصمْ

في معنى الحديثِ بينَ الوشْمِ والواشمِ

وفي اللحْنِ الصَّائمِ

والقريةِ التي تصْرخُ كلَّ نفسٍ

ما أكـثرَ العجمَ في المعاجمْ

وعن إذْنك يا ربان

لنا في السفينةِ

شأنان

لماذا تَـغرقُ السفينة وقد تراجع الماءُ

وانتهى فصل الغرق!!

شفاهنا سنابلٌ في حلمهِ،

ودماؤنا موتُ الحقولِ على الرمادِ

والدمع السَّاقطُ على ظهْرِ الجيادِ

سلمنا السفينة يا ربان

ففي دمنا غرقٌ، ونفقٌ على نفقْ.

سلمنا مفاتيح الماءِ،

وأسماءَ الضحايا

في الجبال المتَّسِخِةِ بالإثمِ

لنعرف الفرقَ بين القطرةِ والطوفان

ففي كل حلْق "يوم الدبران"..

وقد تشابهتْ علينا ألوانُ الخيزران

وإحساسنا بالغد واليد والفم والدم والنسيان..

لنروي "أم الحكايات"

ومن دون الرسمِ والكلام

من دون التفاصيل والشيطان..

....

اجتمعَ الإنسُ والجان

في يوم السابع من معلقة الأهداب

وقرر الطرفان،

بعد القهوة والشاي ولحمِ الخرفان،

ونسبة من التلميح وطرفةٍ واحدة عن المأمون والليمون

قرر الطرفانِ أن "يُنعنعَ" الملحُ

وأنْ يمشي إلى هضبةٍ

لا عشبَ فيها

ثمَّ يقوم باحترافيةِ القرصان

فيرسمُ دائرةً كبيرةً

ويمدَّ من سرتها فخذان

يدقَّان:

تهتزُّ الربوةُ الخافقة بالوقتِ

الساعةُ بتوقيتِ الإنْسِ: الواحدةُ ليلاً

الساعةُ بتوقيتِ الجان: الثالثة والعشرونَ نهارًا

الاختلافُ سُنةُ الأسِنَّـةِ

والأبالسةُ التِّسعةُ

في الركْعةِ المُسِنِّـةِ

والسجْدةِ المُسننةِ..

ما تزالُ الربوةُ تهتزُّ على وقع فخذي عقاربِ السَّاعةِ

ويربو اليقينُ

فيخرجُ طائران

منَ الثلجِ

فيَعْلقان

في شجرةِ الإثمِ الأخضرِ

حيث بابٌ واحدٌ لهؤلاء جميعاً: الإنس والجانُّ، الرملُ والشعرُ

أخذَ الناسُ في العودةِ

إلى الخشبِ

أُخِذَ النَّاسُ على غرةٍ مرتين

الأولى؛ عندما تعلموا النومَ

والثانية؛ عندما جاعَ الشِّتاءُ بينَ أظافرهمْ

وظلَّ الحلمُ يغشى العيونَ والحنايا

ومراتبَ كثيرةً في ضريحِ المرايا.