هذه المسألة لا تتحمل تشعب زوايا المعالجة و يجب أن ينظر إليها في وحدتها الكلية على قاعدة سد الذريعة.. فلو كان المتمسكون بالفرنسية لغة عمل و هوية إخواننا البولار أو السوانك أو الوولوف كقوميات لهان علينا التنازل عما يمكن التنازل عنه حبا فيهم و رغبة صادقة في حماية وحدة الإحساس و الحياة معهم .. فلم نكن أصلا أقرب إلى الحرف العربي منهم و لا أشد حرصا على حمايته و نشر العلم و الثقافة به .. غير أن المتمسكين بالفرنسية التي هجرها حتى أهلها هم مجموعة محدودة تأدلجت ضد العربية مع بواكير انتشاء الدولة الوطنية حين وجد فيهم الاستعمار صلاحية ليكونوا نوابه في حفظ حضوره ليس الثقافي بل السياسي الاستلابي ..
و بالمناسبة ليس هؤلاء كلهم زنوجا فهناك بينهم أيضا عرب ليسوا أقل افتتانا بالانفرنجية و إن كان المخربون وجدوا في تخاذل كل دول المنطقة المعنية عن كتابة اللهجات المحلية ثغرة وسوسوا من خلالها لإخواننا و زينوا لهم لغة أجنبية أقل مزاياها أنها تبعدهم عن العربية صحيح أن أحداث 66 و ما تلاها من صراع مؤسف كرَّه تلك الجماعة أكثر في العربية و أبعد مجموعة واسعة من العرب المؤدلجين هم أيضا من الفرنسية و التفرنس و خلق ذلك أزمة خطيرة ما زال شياطين السياسة من الطرفين ينفخون فيها حتى حولوها من البعد الثقافي إلى قضية اجتماعية تمس كينونة المجتمع و الدولة و في وقت صحوة ما و بجهد قوى قومية فاعلة في المشهد صاغت موريتانيا دستورا يحمي العربية كلغة هوية عامة لموريتانيا التي يستخدم جميع مكوناتها الحرف العربي و يدينون جميعا بالإسلام و يرفعون جميعا راية الدعوة له و نشره.. بعد إفلاس الحركة السياسية و حلول القيم المادية العاجلة محلها أحس المتفرنسون بيضا و زنوجا بأن مصالحهم الذاتية مهددة بتهميش الحرف الذي تمدرسوا به في غفلة التاريخ فتكونت هذه العقدة التي لا يحلها إلا تحكيم رؤية عميقة تؤسسها الدولة عبر مقاربة تربوية شاملة تحترم التنوع الثقافي و تسد باب الشحن السياسي و الصراع الاجتماعي العقيم و الخطير! محمد الأمين و لد مني