تواصلاً مع فعالياته الشعرية، وضمن نشاط منتدى الثلاثاء، أقام "بيت الشعر" بدائرة الثقافة في الشارقة يوم الثلاثاء 5/7/2022 أمسية شعرية شهدت حضوراً حاشداً من محبّي الشعر والأدب والثقافة، وأحياها مؤيد الشيباني من العراق، ووراد خضر من سوريا، وإبراهيم حلّوش من المملكة العربية السعودية، بحضور مدير البيت الشاعر محمد عبدالله البريكي، وقدمها الشاعر ناصر البكر الزعابي، الذي أشاد بدور "بيت الشعر" في التواصل مع المبدعين، واكتشاف أسماء جديدة تلتقي بالجمهور من خلال منبر بيت الشعر، لتعبر سماوات الجمال.
تنوّعت مضامين الشعراء في الأمسية بين الذاتي والإنساني والغناء للأوطان، في قصائد صنعت الدهشة، وأسرت الجمهور وحازت الرضا والتصفيق.
الشاعر إبراهيم حلوش أطلق خيول الدهشة في براري اللغة، مسرجةً بأخيلته وأحلامه، فقرأ قصائد تميزت بجمال الإيقاع، تنوعت أغراضها، واحتشدت بالمفارقات اللغوية والبلاغية، متخذا السهل الممتنع زورقاً لإبحاره، جاء فيها:
قابَ مَـوْتَـیْـنِ مِنْ حَنِیْنٍ ولهْفَـةْ
كان یجتازنيْ الطریقُ بِخِّفـةْ
مُسْرِعًا كُنتُ.. أمتطيْ أمنیاتيْ
كُلَّ ما اجتزْتُ ضِّفـةً صِرْتُ ضِّفـةْ
مُسْتَرِیْحًا على أریْكَةِ روحيْ
كُلّ صُبْحٍ یمُرُّ بِيْ صار شُرْفـةْ
ثم بعث برسالة إلى قلبه المتعب تقول:
مبرأٌ من خطايا الطينِ واللهبِ
كأنك الآنَ لم تخطئ ولم تُصبِ
وعدتَ طفلاً بريئاً هادئاً طلقاً
يرنو إلى الشغبِ المزروعِ في الشهبِ
يا قلبُ هذي أغانيكَ التي اتقدت
على الشفاهِ وهذا موسمُ العنبِ
فانهل من الحبِّ ما تهوى وخُذ بيدي
واعبر بنا فوق جسرِ الآه والتعبِ
أما الشاعرة وراد خضر، فقد صبت مزاج الدهشة في آذان الحضور، وجاءت نصوصها مضمخة بالرقة والشفافية، مزدانة بالتفاؤل والإيجابية. وافتتحت قراءاتها بالشدو لشارقة الثقافة في " قافيَّة" تبحر على زورق البسيط جاء فيها:
يا منبر الكون حين الشعر ينبثقُ
من سدرة الروح يجلو ضوؤها الأفقُ
حملت تُربَ بلادَ الشمسِ فانبثقت
منه العطورُ وباحَ الوردُ والحبقُ
وجهي دمشقٌ وصوتي بوحُ أغنيةٍ
من قاسيون ..بها التاريخ يأتلقُ
من جنة الشام و العاصي ومن بردى
خير السلامِ لأهلِ الشعرِ يندفقُ
ثم تناولت موضوع " العمر" الذي يؤرق الشعراء، معلنة عن بلوغها " الأربعين" ، بفكر ناضج وربيع مزهر، تقول:
وها قد بلغت الأربعين، ولم أزل
عروساً ترى في فكرها سرّ سحرها
يمرّ الربيع الغض في كل وردة
فإن ذبلت تبق انتباهات عطرها
فإن نحن جزنا الأربعين ..ترفقوا
وكونوا ربيعاً في بيادر قفرها
ثم اختتمت بقصيدة تتغنى بالشعر وحالاته لاقت استحسانا جميلا من الحضور.
الشاعر مؤيد الشيباني حلّق بالحضور في سماوات ملونة بالشجن، واقتبست نصوصه رؤاها من جذوة الحنين للوطن، وشدت للحب والحياة والذكريات، يقول واصفا عبور الطائرة فوق العراق:
ليس ثمة بابٌ ولا سلّمٌ
غير نافذةٍ للعيونِ ترى ما ترى..
كيف أهبطُ ؟ لا غيمةٌ تتجمّدُ...
أو نخلةٌ من سواد الفراتين تصعدُ
هذي الخريطةُ من فوقِ
سبّورةُ الخامسِ الابتدائيّ
ندّاهةٌ في المنافي البعيدةِ
ذاكرةٌ في احتدامِ السّكوتِ
ثم حث روحه على التذكر لصور لا تغيب عن مخيلته، في قصيدة رقيقة اللغة، شفيفة النسج، كقطرات المطر، منها:
تذكرْها، ولا تنسَ التفاصيلَ الصغيرةَ
رقةَ التكوينِ، عاطفةَ الحنينِ
وقوةَ الإنسانِ فيها
قسِّم الأشياءَ بينكما
لها الأيامُ والأحلامُ والآراءُ واللغةُ الوسيعةُ والحوارُ
وكلُّ ما في البيتِ
......
تذكّر الحاجاتِ في أوقاتها
لا تنسَ حملَ الوردِ في الذكرى
ولمسَ الأرضِ فيما يفعل المطرُ الخفيفُ
وحين يأتيكَ الكلامُ دعِ الزرافة تستجبْ
ثم انتخبْ ما شئت من فرحٍ وطيبٍ
وانتخبْ
وفي الختام كرَّم الشاعر محمد عبدالله البريكي، الشعراء المشاركين ومُقدم الأمسية.