روائي موريتاني لـ"عربي21": مثقفو موريتانيا تعاطوا منذ اللحظة الأولى مع طوفان الأقصى

اثنين, 07/29/2024 - 01:54

نواكشوط - عربي21- محمد ولد شينا

 

 

قال الشاعر والروائي الموريتاني، المختار السالم، إن الشعراء والأدباء والمثقفين الموريتانيين عموما تعاطوا منذ اللحظة الأولى لـ"طوفان الأقصى" مع الحدث، باعتباره حدثهم الحضاري الأول الذي لا يسبقه أي شيء مما يجري في المنطقة والعالم.

وأضاف المختار السالم، في مقابلة مع "عربي21"، أنّ هذا التعاطي تجلّى في صبيب عال من الشعر والمقالات والكتابات والتدوينات والأعمال الفنية الأخرى، فضلا عن التظاهرات والوقفات المؤيدة للقضية الفلسطينية.

ولفت أيضا إلى أن أدباء موريتانيا هم أول من قاموا بنشر "ديوان طوفان الأقصى"، الذي أبدع قصائده كبار شعراء البلاد، وكلها قصائد تغنّت بالحق الفلسطيني، والوقوف مع المقاومة، وإدانة الاحتلال الصهيوني لأرض المعراج الأغر.

وهذا نص المقابلة:

1- في البداية كيف تعاطي الشعراء والأدباء في موريتانيا مع تطورات القضية الفلسطينية عقب العدوان على غزة؟
الشعراء والأدباء، بل المثقفون الموريتانيون عموما، تعاطوا منذ اللحظة الأولى لـ"طوفان الأقصى" مع الحدث، باعتباره حدثهم الحضاري الأول. الذي لا يسبقه أي شيء ممّا يجري في المنطقة والعالم.
القضية الفلسطينية قضية إجماع في موريتانيا، وهي باعتراف رسمي وشعبي "قضية وطنية" موريتانية.

وتجلّى هذا التعاطي في صبيب عال من الشعر والمقالات والكتابات والتدوينات والأعمال الفنية الأخرى، فضلا عن التظاهرات والمواقف المؤيدة لقضيتنا الفلسطينية.
وكان أدباء موريتانيا أول من قام بنشر "ديوان طوفان الأقصى"، الذي أبدع قصائده كبار شعراء البلاد، وكلها قصائد تغنت بالحق الفلسطيني وبالوقوف مع المقاومة، وإدانة الاحتلال الصهيوني لأرض المعراج الأغر.
كما أن الجامعات والمعاهد في البلاد بادرت بإطلاق تسمية "طوفان الأقصى" على الدفعات المتخرجة الجديدة من كلياتها.
قاد الشعراء الموريتانيون أيضا عمليات التبرّع الشعبية التي نظمت في البلاد، وكانت ظاهر لافتة، تمكّن من خلالها الموريتانيون من جمع المليارات لصالح سكان غزة.

2- ما الذي يجب أن يفعله الشعراء والأدباء في الوطن العربي من أجل القضية الفلسطينية؟‌
كل شيء، هذه قضية دينية في المقام الأول، قضية كرامة، قضية إنسانية. واجب أخلاقي تجاه الوقف الإسلامي. هذه أعدل قضية عند العرب والمسلمين، ولا يحق التنازل بل التراخي في العمل لها ثانية واحدة. تجب المقاومة بالنفس والمال والثقافة. فلسطين ملك لمليارين من المسلمين، ولا يمكن أن تبقى محتلة من طرفة شتات غربي لا يجمعه سوى البعد الصليبي المقيت.

3- كيف تعلّق على ما يراه البعض تراجعا في حضور القضية الفلسطينية في الإنتاج الأدبي والشعري العربي؟
لا أظن القضية الفلسطينية تراجعت في الأدب العربي، بل هي قيمة ثابتة وقاسم مشترك بين الشعراء العرب.
صحيح أن هناك نوعا من التقيّة الأدبية عند الشعراء المحكومين من "العائلات" التي تسمت زورا بـ"الإبراهيمية" التي تعمل وصية على حدود الاستعمار والإمبريالية الغربية.. نعم. هناك شعراء في بعض دول الخليج خضعوا لترهيب أجهزتهم الأمنية وأنظمتهم القمعية شديدة البؤس، التي تنفذ الآن أجندة القضاء على الحلم العربي في التحرّر، لأن هذا التحرر يعني زوال النعمة التي ترفل فيها تلك العائلات.
وقد لاحظنا محاولة قمع الصوت العربي الشعري المؤيد لفلسطين، حتى في برامج إعلامية مثل "أمير الشعراء".
ولكن هذا لا يسرى على آلاف الشعراء العرب، من الذين لا يمكن لأي قوة إسكاتهم عن خدمة حضارتهم وقضايا أمتهم والتعبير عن مشاعر شعوبهم. "الأدلاء الرغاليون" و"الأنظمة المنشارية" إلى أفول حتمي.

4- برأيك هل ما تزال القصيدة قادرة على التأثير في المجتمعات والأنظمة؟
وقادرة على أكثر من التأثير، لأنَّ القصيدة قادرة على التنظير والإلهام.. الشّعر هو الفن البشريّ الأول والأسمى. والشعر ثروة الإنسان وعيا وفكرا. والمجتمعات لن تستغني عن الشعر والموسيقى والرسم.. إلخ.

5- أصدرت أول ديوان من الشعر النثري في موريتانيا، حدّثنا عن ديوان البافور؟
نعم. في عام 2016 اتخذت قرارا بإصدار أول ديوان من الشعر النثر في "بلاد المليون شاعر". كان حدثا ثقافيا وأقيمت أول ندوة نقدية من نوعها لهذا الديوان.
كما تحولت المقدمة التي كتبها لذلك الديوان المفكر بدي أبنو المرابطي" إلى أساس كتابه "فلسفة الشعر" الذي صدر لاحقا.
وديوان "البافور" ضمّ بين الديوان 32 قصيدة، ويقع في 110 صفحات من الحجم المتوسط. وقد أصبح مادة للدرس في كلية الآداب. أزعم أنني تحدّيت الذائقة التقليدية الشنقيطية، وأصدرت شعرا خارجا على قواعد موروثة منذ عشرات القرون.
لقد مهّد هذا الديوان لقصائد أخرى كتبتها، ومن خلالها طرق بقوة في الساحة الأدبية الموريتانية مصطلح "الحداثة" و"ما بعد الحداثة".
وقد نشرت ديوانا ثانيا من الشعر النثري، هو "زمن الأنفاس المهجورة"، والآن تحت الطبع الديوان الثالث من هذا اللون الشعري وعنوانه "إنَّ".
لقد كتبت الشعر النثري، وأنا المتمكّن من القصيدة الخليلية، وذلك بدافع تجاوز القوالب النمطية، ليس في جانبها الفني الشكلي، وإنما في بنيتها اللغوية والتعبيرية.
لا أسعد بلقب رائد أدب الحداثة في موريتانيا، بل أسعد بأنَّ الحداثة لم تعد "منكرا أدبيا" على الأقل عند النخبة.