محمد محفوظ أحمد
(تدوينة)
هذا جمع للناشرين، "ناشري" الكتب. ولكنه يتضمن "لبسا" في مفهومه المقصود هنا. وهو أولئك القوم الصُّبر الذين يفرشون أمامهم، في ساحات تكبر وتصغر، الكتب والمطبوعات المختلفة، من كل لون وصنف؛ لا يجمع بينها إلا العرض للبيع.
في كثير من الأحيان تكون بين عروض هؤلاء الباعة كتب نفيسة قديمة (مستعملة)، وأخرى جديدة تماما.
إنهم منافسون للمكتبات التجارية؛ وغالبا يتخيرون الأماكن القريبة منها، باعتبارهم "مكملين" لدورها بتوفير ما لا يوجد فيها أو بأسعار أقل من أسعارها.
و"الناشر" رغم اشتغاله بالكتب وبيع ما "يناسبها" من سلع كالألواح و"السبح"، شخص متواضع كتوم، لا يرغب عادة في الإفصاح عن مصادر بضاعته... وربما لذلك يكون محل ثقة من تضطرهم الظروف لبيع كتبهم، ولسان حالهم يشدو:
أنست بها عشرين عاما وبعتها * وقد طال وجدي بعدها وحنيني
وما كان ظني أنني سأبيعها * ولو خلدتني في السجون ديوني!
والمؤكد أن "النشارة"، كانوا من أهم مصادر الكتاب المطبوع في هذه البلاد، إذ طالما تعهدهم أهل العلم والبحث المتعطشين لاقتناء الكتب النادرة! خاصة أن المكتبات التجارية كانت قليلة أو معدومة في هذه البلاد المقفرة في عصر ازدهار الطباعة.
وكما كانت منطقة "ابياظ دكار"، حيث مكتبة "طلبياك"، الكتاني الشهيرة تأوي بعض النشارة المشهورين، الثابتين أو المتنقلين، فقد كانت سوق العاصمة نواكشوط وضواحيها المعرض المفضل للنشارة في موريتانيا.
واليوم، لم يعد النشارة بذلك التميز والتحفظ... حيث اختلط بهم نشارة المطبوعات والكراريس والأدوات المدرسية، وأصبحت المكتبات التجارية تنافسهم، بدل منافستها... ولم يعد الكتاب تلك السلعة "المقدسة" التي يبحث عنها من يبذل في سبيلها الغالي والنفيس!