محمدن ولد سيدي (بدنه)
خواطرُ عابرةٌ في ذكرى وفاة الرئيس الأسبق المصطفى ولد محمد السالك رحمه الله..
في مثل يوم أمس 18 دجمبر من سنة 2012 رحل عنا إلى الرفيق الأعلى أول رئيس عسكري مويتاني و ثاني رئيس للبلاد في الترتيب العددي لرؤساء هذا البلد بعد الرئيس المؤسس الأستاذ المختار ولد دادَّاه رحمهما الله .
يُجمع كل من عرف الرجل عن قرب على حسن سيرته و دماثة أخلاقه و وضوح رؤيته.
أما أنا فما لقيته بصورة مباشرة إلا مرة واحدة في صيف سنة 1999 في تامشكط عندما شرفنا بحضوره مراسيم استقبال الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطايع.حرص الرجل و هو الضابط السامي و الرئيس السابق أن لا يحضر ذلك الإستقبال الشعبي العام إلا بعد أن يُمنح إذنا صريحا من قمة الهرم في الدولة. و كدليل قاطع على ذلك ، أوفد إليَّ من سلمني رسالته المرفقة.و بطبيعة الحال أذن الرئيس اللاحق للرئيس السابق بحضور لائق فحضر و ساهم بجدارةٍ في" الرفع من مستوى الإستقبال".
في الرسالة التي وجه إلي الرئيس المصطفى آنذاك حمَّلني تحياته إلى الشخصيات السامية الحاضرة آنذاك في تامشكط و تشاء الصدفة أن يكون من بين هؤلاء رفيقاه في السجن : الوزير الأول السابق سيد أحمدْ ولد ابنيجاره رحمه الله و الوزير السابق ابَّحام ولد محمد الأغظف..نعم لقد شملتهم تهمة بالإنقلاب و أمضوا في السجن فترة يصفها بحام ب"أسوأ فترات حياتهم " داخل زنزانات ينعتها ابن بنيجاره رحمه الله ب (Les tombes verticales) "القبور العمودية"..كانت العلاقات حميمية بين هؤلاء و هم يتجاذبون أطراف الحديث أثناء حفل الإستقبال و خلال مراسيم الوداع، و ربما اضطَرّتهم أشعة الشمس المحرقة إلى اللجوء من حين لآخر إلى ذلك الظل الرفيف الذي توفره تلك المباني الإدارية المجاورة المتآكلة التي كانت على مر الأحقاب و الأجيال مأوى السجناء أمثالهم و آخرهم ليس سوى سجَّانهم الرئيس السابق محمد خونه ولد هيداله!
أما ولد هيداله فلم يكن يشتكي من مُقامه داخل الإقامة الجبرية في تامشكط كما حدثني الحرسي المنتدب لمرافقه في رياضته اليومية و لكنه لم يكن يترك فرصة إلا ذكر فيها بامتعاض شديد ما عاناه من ضيق إقامة و سوء معاملة طوال سنة كاملة قضاها في قبلُ في مدينة كيهيدي.
و بالمناسبة، لقيتُ مرة و أنا في الطريق إلى تامشكط الشيخ المصطفى ولد الشيخ أحمد أبي المعالي في مكطع لحجار فما عرفني و عرف وجهتي حتى انطلق يذكر ظروف السجن في تلك الربوع .
و على ذكر معاملة المقيمين إقامة جبرية في تامشكط، قرأتُ مرة في وثائق المقاطعة تقريرا طريفا وجهه الحاكم آنذاك سنة 1963 سيدي محمدْ ولد عبد الرحيم " دِيدِي" علمًا إلى السلطات العليا يصف فيه حالة بعض رفاق الأمير محمد فال ولد عمير رحمه الله من السجناء فيقول بأن أشدَّ ما يعانون منه هو" الغُربة والعزلة "!
ترجمة الرسالة المرفقة:
بسم الله الرحمن الرحيم
السيد الحاكم
السلام عليكم،
موجبه مجرد إعلامكم بأنه باعتباري مُقيمًا شبهَ دائم في النواحي الجنوبية الغربية للمقاطعة ، جئتُ لأسهم بحضوري المتواضع في الرفع من مستوى الإستقبال الذي تستعد مقاطعتكم العريقة لتخصيصه لرئيس الدولة.
أحييكم و أحملكم تحياتي للمنتخَبين و الشخصيات السامية في تامشكط كما أطلب منكم أن تبلغوا الموضوع إلى الوالي و إلى تشريفات الوفد.
أطيب الأماني.
المصطفى ولد محمد السالك
رحم الله السلف و بارك في الخلف.